U3F1ZWV6ZTE3NDMwODE4MzA4MTc5X0ZyZWUxMDk5Njg2NzQ0NjUyNQ==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل
إعلان

هجر القرءان - أقسام هجر القرءان



القرءان أصل السعادة فى الدنيا والأخرة فهو حبل النجاة الممدود لنا من السماء وأعجب العجب أن تهجر أمة القرءان القرءان . والقرءان كلام الله منبع كل حكمة وأصل كل الأصول وطريق الوصول إلى السعادة فى الدنيا والأخرة ، فالقرءان أعلى العلوم قدرا وأغلاها مهرا وأسماها قدرا وأعظمها معنى وأصحّها دليلا وأقومها قيلا ، فالقرءان وما يتعلق به من العلوم شمس ضحى كل العلوم وبدر دجاها فشرف العلم شرف موضوعه وموضوع القرءان هو كلام الرحيم الرحمان ففضل كلام الله على كل كلام كفضل الله على سائر خلقه وفضل القرءان على كل كلام كفضل الله على سائر خلقه ، والقرءان يهدى للتى هى أقوم فى شتى جوانب الحياة ( إن هذا القرءان يهدى للتى هى أقوم ) .والهجر فى لغة العرب ضد الوصل وهو مصدر قولهم هجرت الشئ أذا تركته وأغفلته .

القرءان لغةً وإصطلاحا 

القرءان لغةً مصدر قرأ يقرأ قرءاة وقرءانا كما فى قوله ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) القيامة ، والقرءان إصطلاحا هو كلام الله جلّ وعلا المُنزّل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم المُعجز بلفظه ومعناه المُتعبد بتلاوته المُتحدى بأقصر سورة فيه المنقول إلينا بطريق التواتر المكتوب فى المصحف من سورة الفاتحة إلى سورة الناس ، والقرءان يتكون من 30 جزء و 114 سورة و 6236 أية بعد الكوفيين و 6666 بعد غير الكوفيين ، الأوامر 1000 أية ، النواهى 1000 أية ، الوعد 1000 أية ، الوعيد 1000 أية ، العبر والأمثال 1000 أية ، القصص والأخبار 1000 أية ، الحلال والحرام 500 أية ، الدعاء 100 أية ، الناسخ والمنسوخ 66 أية . لا خلاف أن الله أنزله على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم على مدى 23 سنة مُنجّماً أى مُفرّقاً  وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) الإسراء وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) الفرقان ، لا خلاف أنه نزل فى ليلة القدر فى شهر رمضان ، نزل كاملاً فى اللوح المحفوظ فى السماء الدنيا فى بيت العزة ثم نزل مُنجّماً حسب المواقف والأحداث والإستفسارات والأسئلة التى كانت توجّه إلى النبى صلى الله عليه وسلم  ، ولا خلاف أن أول أية نزلت هى أقرء ، وأختلفوا فى أخر ما نزل منهم من قال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ...) المائدة 3  وهذا القول مرجوح لأن هذه الأية نزلت يوم عرفة عشية يوم جمعة فى حجة الوداع ولكن الراجح أن أخر ما نزل من القرءان هو قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) البقرة  قال بن عباس رضى الله عنهما نزلت هذه الأية على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل موته بتسع ليل . وجُمع القرءان فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم فى الصدور وكُتب على الحجارة الرقيقة وعلى جريد النخل ثم جُمع فى صحف فى عهد أبى بكر ثم جُمع فى مصحف إمام واحد فى عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه بعد موقعة أرمينيا وأذريبيجان .
لغة القرءان هى العربية وهذا شرف عظيم للغة القرءان ونسوق مثلاً لدقة اللغة العربية وعظمها وجمالها وإحتوائها على ما لا تحتويه أى لغة أخرى من دقة اللفظ وبديع الكلمة فقد روى عن إبن أبى مُليكة أن إعرابى نزل المدينة فى عهد عمر بن الخطاب فقال من يقرأنى شيئاً مما نُزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأقرأه رجل سورة براءة وأفرأه قول الله تعالى وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) التوبة ، ثم قرأ رسوله بالكسر وأنظر إلى الأعرابى الذى كان يفهم اللغة بالفطرة والسليقة (أو قد برأ الله من رسوله ؛ إن يكن الله قد برء من رسوله فإنى أبرء منه ) هكذا قال الإعرابى ،  فوصلت عمر بن الخطاب مقالة الرجل فأرسل إليه عمر وقال أتبرأ من رسول الله يا إعرابى؟ فقال الأعرابى: لا يا أمير المؤمنين ثم حكى له ما كان ، فقال عمر بن الخطاب لا يا إعرابى ما هكذا نزلت فقال الإعرابى فكيف هى يا أمير المؤمنين فقرأها له ابن الخطاب فقال الإعرابى وأنا أبرأ إلى الله مما برأ الله ورسوله منه ، ثم أصدر عمر أمره أن لا يُقرأ الناس بعد ذلك إلا عالم باللغة . والقرءان كنز معانى ونهر حقائق وجواهر وعين زواهر وعالم علم ومعين دُرر وعذوبة لفظ وجمال معانى .
وهجر القرءان من أخطر الأمراض التى أصابت أمة القرءان بالإنتكاس والتخلف والتأخر فالقرءان أصل عزها ونبع شرفها ومعين كرامتها وبقاءها ووجودها وأعجب للأمة كيف تهجر كلام ربها وهو الهداية لها فى الدنيا والأخرة .
 
أقسام الهجر وأنواعه

وهجر القرءان أنواع فهناك هجر السماع ، وهجر التلاوة ، وهجر التدبر وهجر العمل بالقرءان والتحاكم إليه وهجر التداوى بالقرءان ولنتكلم بشئ من التفصيل المُختصر عن هذه الأنواع .

أولاً : هجر السماع 

والله لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا وإذا أردت أن تعرف هل تحمل فى صدرك قلباً أم لا فأنظر إلى حال قلبك عند سماع القرءان ؛ قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه : أطلب قلبك فى ثلاث مواضع عند سماع القرءان وفى مجالس الذكر وفى أوقات الخلوة فإن لم تجد قلبك فى هذه المواضع فسل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك ، وشتّان شتّان بين رجل يسمع القرءان ويشعر بالإنس والسرور يبكى تارة ويفرح تارة ، يتشوق إلى الجنة تارة ويخاف النار تارة ويرجو الله تاره شتان بين هذا ومن يُعرض عنه ولا يطيق سماعه ولتعلم أن وصية المشركين بين بعضهم هى ألا يسمعوا كلام الله ( وقال الذين كفرو لا تسمعوا لهذا القرءان ) فالقرءان حين يُسمع يعمل جلالا فى القلوب فالقرءان له جلاله وكماله وجماله . وهل تعلم أن القرءان قد صدع قلوب الشرك والمشركين .
فلا تهجر سماع القرءان ولو أن تسمعه وأنت غير منصت وقول الله تعالى ( وإستمعوا له وأنصتوا ) المقصود به قرءان الصلاة ويجوز لك أن تسمع وأنت غير منصت فأسمعه لقول النبى صلى الله عليه وسلم : لا تجعلوا بيوتكم مقابر فالشيطان يفر من البيت الذى تُقرأ فيه سورة البقرة .

ثانياً : هجر التلاوة

يقول صلى الله عليه وسلم ( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) وفى صحيح مسلم من رواية أبى أُمامة أن النبى صلى الله عايه وسلم قال ( أقرأو القرءان فإنه يأتى يوم القيامة شفيعاً لإصحابه ) وفى الصحيحين من حديث عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( الذى يقرأ القرءان وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة والذى يقرأ القرءان ويتتعتع به فله أجران أجر القرءاة وأجر المشقة ) ويقول النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين من حديث بن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( لا حسد إلا فى إثنتين – والحسد المقصود به الغبطة – رجلاً أتاه الله القرءان فهو يقوم به أناء الليل وأناء النهار ورجلاً أتاه الله مالا فهو ينفقه أناء الليل وأناء النهار ) وفى مسند أحمد وسنن الترمذى وغيرهما بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( يقال لقارئ القرءان أو لصاحب القرءان أقرأ وأرتق ورتّل كما كنت تُرتل فى الدنيا فإن منزلتك عند أخر أية تقرأها ) وصاحب القرءان الذى يقرأه ويتدبره ويعمل به وليس الذى يحفظه فقط .، ويقول صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين من حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه ( مثل المؤمن الذى يقرأ القرءان مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذى لايقرأ القرءان مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لهل ، ومثل المنافق الذى يقرأ القرءان مثل الريحانة ريحها حلو وطعمها مر ، ومثل المنافق الذى لا يقرأ القرءان مثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر ) 

ثالثاً : هجر تدبر القرءان 

يقول ربنا جل وعلا (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) الفتح . فأجتهد أن تتدبر القرءان قدر المستطاع ولا تجعل همك أخر السورة ولتعلم أنك بتدبرك وإجتهادك على أن تتدبر لا أن تقرأ مجرد قراءة عابرة كن على يقين أن الله سيفتح عليك من فضله بالمعانى التى لم تكن لتعلمها من قبل أن تعيش بتدبر مع القرءان والتى لم تكن لتتذوق معناها قبل أن تتدبر  (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)  ق ، والله يفتح على القلب على قدر حضوره فقد يقرأ رجل بسيط لم يحصل على أى شهادة علمية ومع ذلك يفتح الله له من المعانى مما لا يفتحه لغيره من الحاصلين على أعى لشهادات ، ولو طالعت كتب التفاسير لقرات عجب العجاب مما فتح الله على قلول علماءنا الأفاضل كلاً حسب نسبة حضور قلبه.

رابعاً : هجر العمل بالقرءان والتحاكم إليه 

وهذا الهجر من أخطر أنواع الهجر الذى يؤخر الأمة جميعها ومن أشد المصائب التى أصابت الأمة ففى القرءان كل صغيرة وكبيرة وأمة أقرء باتت تقلد الغرب المنتصر فى مجالات شتى وتركت القرءان مع أن فى القرءان كل حكم يخص أمور حياتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والنفسية وفيه كل ما يتعلق بأى جزئية ولو بسيطة فى الحياة  ( ما فرطنا فى الكتاب من شئ ) يقول بن القيم : تحكيم رسول الله فى كل شئ مقام إسلام وعدم وجود الحرج فى حكمه مقام إيمان  والتسليم المطلق لحكمه مقام إحسان  ( ولا يجدوا فى انفسهم حرج ) يجب أن تعود الأمة لتلتزم بأوامره أمرا أمرا وتجتنب نواهيه نهياً نهياً وتقف عند حدوده حداً حداً ، وحين إبتعدت الأمة عن القرءان وحكمت ما هو دونه فقد إبتعدت عن النور والنجاة وإستبدلت بالعبير بعراً وبالثريا ثرى وبالرحيق المختوم حريقاً محرقاً مدمرا وظنت الأمة أنها ركبت قوار ب النجاة فغرقت وضاعت وتحكم فيها الأندال اذل خلق الله فى أرض الله ولا عزة لها ولا كرامة إلا بالعودة للقرءان  وبقولنا ( سمعنا وأطعنا )

خامسا : هجر التداوى بالقرءان 

لا بجب أن نتعامل مع القرءان على أنه كتاب طب ولكن بمبدا ( وننزل من القرءان ما هو شفاء و رحمة ) ففى القرءان شفاء لأمراض القلوب جميعها ( ومن إتبع هداى فلا يضل ولا يشقى ) ونذكر بعض ايات القرءان والتى تعد رقية : قاتحة الكتاب وهى الشافية الكافية ، وأية الكرسى ، وأخر سورة البقرة ، والأخلاص والمعوذتين .

وبعد ؛
اللهم رد أمة القرءان إلى القرءان رداً جميلا ولا تحرمنا بركة القرءان وفضله وأن تسعدنا به فى الدنيا والأخرة ( يؤتى يوم القيامة بالقرءان وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وال عمران كأنهما غمامتان أو غيابتان أو غيايتان او فرقان من طير صواف تُحاجان عن صاحبهما يوم القيامة ) نسأل الله أن يجعل القرءان شفيعاً لنا لا علينا يوم أن نلقاه أنه ولى ذلك والقادرُ عليه ، والله المستعان ؛     

Comments
NameEmailMessage