إشتمال الفاتحة على أمهات المطالب العالية
التعريف بالرب المعبود
( رب العالمين الرحمن الرحيم )
فالسورة مبنية على الألهية والربوبية والرحمة ف إياك نعبد مبنى على الألهية وإياك نستعين مبنى على الربوبية وطلب الهداية إلى صراط الله المستقيم بصفة الرحمة ،ف الله و الرب و الرحمن هى مرجع الأسماء الحسنى والصفات العلى.
إثبات النبوات من جهات عديدة
اسم رب العالمين
( يستلزم عدم إهمال العباد بدون رسل)
اسم الله
( أى المألو والمعبود ولابد من الرسل لمعرفة كيفية عبادته )
اسم الرحمن
( رحمته تقتضى عدم إهمال عباده ، فتقتضى إرسال الرسل حتى إذا ما عذبهم إقام الحجة عليهم )
ذكر يوم الدين
( فالحساب يكون بعد إقامة الحجة وإرسال الرسل )
من قوله إياك نعبد
( فإن ما يعبد به الله يكون على ما يحب ويرضى ولابد من الرسل لتوضيح ذلك )
من قوله إهدنا الصراط المستقيم
( فالهداية إلى الصراط المستقيم تكون أولها هداية بيان هذا الطريق وهى من الرسل ثم هداية توفيق للسير على هذا الطريق ثم الهداية إلى طريق الجنة على الصراط فى الأخرة وعلى قدر هدايته فى الدنيا تكون هدايته فى الأخرة )
من معرفة نفس المسئول الصراط مستقيم
( ولا يكون الطريق صراط إلا إذا تضمن خمسة أشياء : الإستقامة والأيصال إلى المقصود والقرب والسعة للمارين عليه وتعيينه طريقاً ولا يخفى تضمن الصراط لهذه الأمور الخمسة )
( ولا يكون الطريق صراط إلا إذا تضمن خمسة أشياء : الإستقامة والأيصال إلى المقصود والقرب والسعة للمارين عليه وتعيينه طريقاً ولا يخفى تضمن الصراط لهذه الأمور الخمسة )
ذكر المنعم عليهم وتمييزهم عن طائفتى الغضب والضلال
( فالمنعم عليهم من عرف الحق عن طريق الرسل وأتبعه وهم المؤمنون الذين اتبعوا النبى الأمى ، والمغضوب عليهم من عرف الحق ولم يتبعه حسدا وتكبراً أن ينزل الله من فضله على من يشاء وهم اليهود ، والضالين من لم يعرفوا الحق فأتبعوا الباطل فهم فى ضلال إلى يوم القيامة وهم النصارى ، هذا الأنقسام بين الناس يثبت الرسالة والنبوة) وأضاف الله النعمة إليه وحذف فاعل الغضب لوجوه : منها أن النعمة هى الخير والفضل والغضب من باب الإنتقام والرحمة تغلب الغضب ، فأضاف إلى نفسه أكمل الأمرين وأسبقهما ، الوجه الثانى أن الله هو المتفرد بالنعم أما الغضب يغضب لغضب الله أوليائه وأنبيائه فكان فى لفظة المغضوب عليهم بموافقة أوليائه له من الدلالة على تفرده بالإنعام ، والوجه الثالث أن حذف فاعل الغضب من الإشعار بإهانة المغضوب عليه وتحقيره وتصغير شأنه ما ليس فى ذكر فاعل النعمة من إكرام المُنعم عليه )
( فالمنعم عليهم من عرف الحق عن طريق الرسل وأتبعه وهم المؤمنون الذين اتبعوا النبى الأمى ، والمغضوب عليهم من عرف الحق ولم يتبعه حسدا وتكبراً أن ينزل الله من فضله على من يشاء وهم اليهود ، والضالين من لم يعرفوا الحق فأتبعوا الباطل فهم فى ضلال إلى يوم القيامة وهم النصارى ، هذا الأنقسام بين الناس يثبت الرسالة والنبوة) وأضاف الله النعمة إليه وحذف فاعل الغضب لوجوه : منها أن النعمة هى الخير والفضل والغضب من باب الإنتقام والرحمة تغلب الغضب ، فأضاف إلى نفسه أكمل الأمرين وأسبقهما ، الوجه الثانى أن الله هو المتفرد بالنعم أما الغضب يغضب لغضب الله أوليائه وأنبيائه فكان فى لفظة المغضوب عليهم بموافقة أوليائه له من الدلالة على تفرده بالإنعام ، والوجه الثالث أن حذف فاعل الغضب من الإشعار بإهانة المغضوب عليه وتحقيره وتصغير شأنه ما ليس فى ذكر فاعل النعمة من إكرام المُنعم عليه )
ذكر الصراط مفرداً معرفاً تعريفين بأل والإضافة
وذلك يفيد تعينه واختصاصه وأنه صراط واحد وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها كقوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} فوحد لفظ {الصِّرَاطَ} و {سَبِيلِهِ} وجمع {السُّبُل} المخالفة له وقال ابن مسعود: "خط لنا رسول الله خطا وقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه ثم قرأ قوله تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}" وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق .
على ( للهدى) و فى ( للضلال)
في أداة (على) سر لطيف وهو الإشعار بكون السالك على هذا الصراط على هدى وهو حق كما قال في حق المؤمنين 2:4 {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} وقال لرسوله: 27:79 {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}
وفى الإتيان بأداة (على) ما يدل على علوه وثبوته واستقامته.وهذا بخلاف الضلال والريب فإنه يؤتى فيه بأداة (في) الدالة على انغماس صاحبه وانقماعه وتدسسه فيه كقوله تعالى 9:45 {فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} وقوله 6:39 (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَات) وقوله 23:24 {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} وقوله 42:14 {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}.
وتأمل قوله تعالى 34:24 {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٌ} فإن طريق الحق تأخذ علوا صاعدة بصاحبها إلى العلي الكبير وطريق الضلال تأخذ سفلا هاوية بسالكها في أسفل سافلين.
وتأمل قوله تعالى 34:24 {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٌ} فإن طريق الحق تأخذ علوا صاعدة بصاحبها إلى العلي الكبير وطريق الضلال تأخذ سفلا هاوية بسالكها في أسفل سافلين.
يخبر الله سبحانه وتعالى أنه على الصراط المستقيم وهذا في موضعين من القرآن في هود والنحل قال في هود 11:56 {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال في النحل 16:76 {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فهذا مثل ضربه الله للأصنام التي لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل وهي كل على عابدها يحتاج الصنم إلى أن يحمله عابده ويضعه ويقيمه ويخدمه فكيف يسوونه في العادة بالله الذي يأمر بالعدل والتوحيد؟ وهو قادر متكلم غنى وهو على صراط مستقيم في قوله وفعله فقوله صدق ورشد ونصح وهدى وفعله حكمة وعدل ورحمة.
تنبيه الله سبحانه على الرفيق فى الصراط المستقيم
لما كانت النفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم الذين {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له ( صراط الذين أنعمت عليهم ) فهم الذين أنعم الله عليهم وذلك ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم هم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا كما قال بعض السلف: "عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين" وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك.
وقد ضربت لذلك مثلين فليكونا منك على بال.
المثل الأول: رجل خرج من بيته إلى الصلاة لا يريد غيرها فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس فألقى عليه كلاما يؤذيه فوقف ورد عليه وتماسكا فربما كان شيطان الإنس أقوى منه فقهره ومنعه عن الوصول إلى المسجد حتى فاتته الصلاة وربما كان الرجل أقوى من شيطان الإنس ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصف الأول وكمال إدراك الجماعة فإن التفت إليه أطمعه في نفسه وربما فترت عزيمته فإن كان له معرفة وعلم زاد في السعي والجمز بقدر التفاته أو أكثر فإن أعرض عنه واشتغل بما هو بصدده وخاف فوت الصلاة أو الوقت لم يبلغ عدوه منه ما شاء.
المثل الثاني: الظبي أشد سعيا من الكلب ولكنه إذا أحس به التفت إليه فيضعف سعيه فيدركه الكلب فيأخذه.
المثل الأول: رجل خرج من بيته إلى الصلاة لا يريد غيرها فعرض له في طريقه شيطان من شياطين الإنس فألقى عليه كلاما يؤذيه فوقف ورد عليه وتماسكا فربما كان شيطان الإنس أقوى منه فقهره ومنعه عن الوصول إلى المسجد حتى فاتته الصلاة وربما كان الرجل أقوى من شيطان الإنس ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصف الأول وكمال إدراك الجماعة فإن التفت إليه أطمعه في نفسه وربما فترت عزيمته فإن كان له معرفة وعلم زاد في السعي والجمز بقدر التفاته أو أكثر فإن أعرض عنه واشتغل بما هو بصدده وخاف فوت الصلاة أو الوقت لم يبلغ عدوه منه ما شاء.
المثل الثاني: الظبي أشد سعيا من الكلب ولكنه إذا أحس به التفت إليه فيضعف سعيه فيدركه الكلب فيأخذه.
إن التوسل إليه بأسمائه وصفاته والتوسل إليه بعبوديته هما وسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء ويؤيدهما الوسيلتان المذكورتان في حديثي الاسم الأعظم اللذين رواهما ابن حبان في صحيحه والإمام أحمد والترمذي.
أحدهما: حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" قال الترمذي: حديث صحيح فهذا توسل إلى الله بتوحيده وشهادة الداعي له بالواحدانية وثبوت صفاته المدلول عليها باسم {الصَّمَدُ} وهو كما قال ابن عباس: "العالم الذي كمل علمه القادر الذي كملت قدرته" وفي رواية عنه "هو السيد الذي قد كمل فيه جميع أنواع السؤدد" وقال أبو وائل: "هو السيد الذي انتهى سؤدده" وقال سعيد بن جبير: "هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وأقواله"
أحدهما: حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" قال الترمذي: حديث صحيح فهذا توسل إلى الله بتوحيده وشهادة الداعي له بالواحدانية وثبوت صفاته المدلول عليها باسم {الصَّمَدُ} وهو كما قال ابن عباس: "العالم الذي كمل علمه القادر الذي كملت قدرته" وفي رواية عنه "هو السيد الذي قد كمل فيه جميع أنواع السؤدد" وقال أبو وائل: "هو السيد الذي انتهى سؤدده" وقال سعيد بن جبير: "هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وأقواله"
وبنفي التشبيه والتمثيل عنه بقوله {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} وهذه ترجمة عقيدة أهل السنة والتوسل بالإيمان بذلك والشهادة به هو الاسم الأعظم.
والثاني: حديث أنس "أن رسول الله سمع رجلا يدعو: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنّان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام ياحي يا قيوم فقال: لقد سأل الله باسمه الأعظم" فهذا توسل إليه بأسمائه وصفاته.
وقد جمعت الفاتحة الوسيلتين وهما التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين فالداعي به حقيق بالإجابة.
ونظير هذا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به إذا قام يصلي من الليل رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت" فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه وبعبوديته له ثم سأله المغفرة.
والثاني: حديث أنس "أن رسول الله سمع رجلا يدعو: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنّان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام ياحي يا قيوم فقال: لقد سأل الله باسمه الأعظم" فهذا توسل إليه بأسمائه وصفاته.
وقد جمعت الفاتحة الوسيلتين وهما التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ثم جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين فالداعي به حقيق بالإجابة.
ونظير هذا: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به إذا قام يصلي من الليل رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق والساعة حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت" فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه وبعبوديته له ثم سأله المغفرة.
Comments