مادة حياة القلب هى الإيمان بالله . وللإيمان روح وعلامة وثمرة فروح الإيمان المحبة وعلامته الذكر وثمرته الطمأنينه . والذكر وظيفة القلب وشعاره وهو يدل على حياة القلب والذى يفوته الذكر يكون كما قال النبى صلى الله عليه وسلم كما فى حديث أبى موسى الأشعرى وهو فى الصحيحين ( مثل الذى يذكر ربه والذى لا يذكر ربه كمثل الحى والميت ) ولفظ مسلم ( مثل البيت الذى يُذكر الله فيه والذى لا يُذكر الله فيه كمثل الحى والميت ) والأنسان الذى يُعرض عن ذكر الله جزاءه كما وصفه الله فى أية لا يُنكرها من قرأها ولا يُخطئ فهمها وهى فى سورة طه (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)
والذى يُعرض عن ذكر الله لا يستريح فى هذه الحياه وهذه عاجلة شر له فى الدنيا ويُعذّب بأقصى أنواع العذاب وهو أن يُعذّب بما يُحب لأن المرء إذا عُذب بما يكره ترك ولكن إذا عُذب بما يكره لا يترك ما يحب حتى تذهب نفسه وتهلك ، فقد يُعذّب بحب إمرءاة لا تحبه وتتطلع إلى غيره وقد يُعذّب بحب ولد عاق له ، أمّا من يذكر الله فهو فى لذه لا يعرفها الغافلون ، قال بعض السلف : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا ألذّ ما فيها ، قيل له وما ألذّ ما فيها ، قال ذكر الله تعالى . فالذى لم يتذوق حلاوة الذكر لم يتذوق ألذّ ما فى الدنيا .
ولو رأيت إنساناً غنياً لا تحسده فأنت لا تعرف ما بقلبه من هم وغم كما أنك بحسدك تسخط على قضاء الله ، يقول الشاعر ( لا تحسدن أحداً على نعمٍ له ... إن الحسود لحُكم ربك شانِ ) وكان الأمام أبن تيميه يصلى الفجر ويذكر ربه حتى ينتصف النهار فلما سأله تلميذه ابن القيم عن ذلك قال : هذه غدوتى لو تركتها سقطت قواى . وقد جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن شرائع الإسلام كثُرت على فمرنى بشئ أتشبث به ولا تُكثر على فأنسى ، قال صلى الله عليه وسلم ( لا يزال لسانك رطباً بذكر الله )
Comments