كيف تحافظ على حسناتك ( من سلسلة وقال المحدث )
الدنيا مزرعة الأخرة والسعيد من سعد بهذا الغرس وتعهده حتى يبلغ منتهاه والعبد الذى يُفرّط فى حسناته هو عبد مغبون أضاع جهده وثمرة تعبه .
ولكى تحافظ على حسناتك لابد لك من أمور أولها أن تتجنب ظلم العباد ، فالعبد الذى يطلق يده ولسانه فى ظلم العباد يأتى يوم القيامة مُفلساً كما أخبر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث أتدرون من المفلس ؟
ومن الأشياء التى تضيع العمل الغرور بالعمل حيث قد يعمل الإنسان عمل ويظن أنه أدّى ما عليه ويظل هكذا حتى يسقط فى هوة الغرور ولمُعالجة هذا الأمر لابد أن تنظر بعين البصيرة إلى حقيقة العمل ؛ فعملك مهما جوّدته وحسّنته لا يُكافئ دخولك الجنه والشاهد فى ذلك الحديث الذى فى الصحيحين حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم ( أعلموا أنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ، قالوا ولا أنت يا رسول الله ، قال ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمته ) فالجنة لا يُكافئها عمل وإنما يدخلها العبد برحمة الله شرط أن يبذل أقصى ما لديه ولو كان قليلاً ولا يغتر بعمله . يقول سلمة بن دينار إن العبد ليعمل الحسنة تسره وما خلق الله عز وجل سيئة تضره مثلها ، وإن العبد ليعمل السيئة تسوئه وما خلق الله عز وجل حسنة أفضل له منها ، ويقول بلال بن سعد : رب حسنة أورثت عزاً وإستكباراً ورب معصية أورثت ذلاً وإنكساراً . وليس معنى كلام السلف الصالح أن السيئة أفضل من الحسنة ( ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ) ولكن مقصود كلامهم النظر إلى تأثير كلاً منهما على العبد فهذا إن إغتر بحسنته أتكل عليها وتخاذل وأصابه الغرور والعجب فحبط عمله وهذا الذى عمل السيئة أصابه إنكسار وذل مما جعله يجد ويجتهد حتى يلقى الله على أحسن حال ومئال . وعلى العبد لكى يحافظ على حسناته ألا يذوق حظ نفسه فى العمل وليعلم أنه ما من عمل صالح إلا ولله سبحانه وتعالى الفضل والمنة أن هداه لهذا العمل وبعمله هذا فهو قد وافق مراد الله لهدايته .
ولتحافظ على حسناتك أعلم أن ما من حسنة تفعلها فى الدنيا إلا وستحتقرها يوم القيامة وأعلم لو أن عبداً خرّ على وجهه من يوم أن وُلد إلى أن يلقى الله كهلاً لأحتقر عمله هذا يوم القيامه وشاهد هذا فى الصحيحين أن النبى لما ذكر البيت المعمور قال إنه يدخله فى اليوم سبعين ألف ملك لا يخرجون منه إلى يوم القيامه ما منهم ملك إلا وراكع أو ساجد ومع هذا إذا قامت الساعة يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك وهذا ملك فما بالك بالعبد الذى تتربص به الأعداء يناوشونه فى كل خطوه وهو ماض إلى الله والله المستعان .
Comments