لماذا خُلقنا ( من سلسلة وقال المحدث )
ورد فى صحيح البخارى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرأ من الناس الصحة والفراغ ) فالعمر صفقة الرابح الناجح الذى يستغل هذه الصفقة إذا دخل سوق الحياة وكما يقول النبى صلى الله عليه وسلم ( كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فموبقها أو معتقها ) ويغدو أى يذهب إلى السوق والمقصد عمله فى الحياه هل يوافق رضى ربه أم لا.
إن كثيراً من الناس يرى أن الحياة عبث ولهو وأنه خُلق ليأكل ويشرب ويتنعم وينسى أن الله أستعمره فى الأرض وخلقه ليعبده ، وهو على هذا الحال كالبهيمة العجماء أو أضل يقول عزوجل (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) ) فالعمل الصالح هو رأس مالك فى الحياة وهو ما خُلقت من أجله لا أن تكون كالأنعام .
كلُ حىٍ سيموت ليس فى الدنيا ثبوت ، حركاتٌ سوف تفنى ثم يتلوها خُفوت ، وكلامٌ ليس يحلو بعده إلا السكوت ، أيها السادرُ قل لى أين ذاك الجبروت ، كُنتَ مطبوعاً على النطق فما هذا الصموت ، ليت شعرى أهُمُودٌ ما أراه أم قُنوط ، أين أملاكٌ لهم فى كل أفقٍ ملكوت ، زالت التيجانُ عنهم وخلت تلك التخوت ، أصبحت أوطانهم من بعدهم وهى خبوت ، لا سميعٌ يفقه القول ولا حىٌ يصوت ، عُمرت منهم قبورٌ وخلت منهم بيوت ، لم تزُد عنهم نحوس الدهر إذ حانت بخوت ، إنما الدنيا خيالٌ باطلٌ سوف يفوت ، ليس للإنسان فيها غير تقوى الله قوت .
فأنت عبدٌ لله خُلقت لتكون عبدا لله لا لشهواتك وأهوائك ولا تقل أنا حر فقولك هذا إنفلات والعبودية لا تقتصر على فرض تصليه أو زكاة تؤديها وصيام شهرا فى العام بل أنت عبد فى كل حركاتك وسكناتك لا ترفع قدم ولا تضعها إلا بأمر الله فحقق هذه العبودية التى يرضاها الله لك تكن أربح الناس يوم يكثر الخاسرون .
وطول العمر مذموم إذا لم يقترن بطاعة الله وإلا فهو منهى عنه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( خيركم من طال عمره وحسن عمله ) . وورد فى صحيح مسلم عن أم حبيبة أم المؤمنين دعت فقالت ( اللهم أمتعنى بزوجى رسول الله وبأبى أبى سفيان وبأخى معاوية ) فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ( سألتِ الله لإجالٍ مضروبة وأيامٍ معدودة وأرزاقٍ مقسومة لا يتقدمُ فيها شيئاً قبل حاله ولا يتأخرُ فيها شيئاً قبل حاله ولو كنتِ سألت الله أن يُعيذكِ من النار وأن يُعيذكِ من عذاب القبر لكان خيرأ وأفضل ) وطول العمر ليس محموداً إلا أن يطول فى طاعة الله ويكفى لذم طول العمر أن قلبك يُفجع يوماً بعد يوم بفراق من تحب حتى تزول نفسك وأنت حى ، وبعد فأعلم أن الحياة الأخرة هى الحيوان وأن الدنيا مزرعة الأخرة وهى سوق تبيع فيها نفسك فبكم ستبيعها برضا الله أم بسخطه ، بناره أم بجنته ، والله المستعان ؛
تعليقات