أخطر أمراض أمة محمد صلى الله عليه وسلم
الشرك أخطر مرض على وجه الأرض فهو أقبح الجهل وأظلم الظلم وأكبر الكبائر ، ولا يوجد كبير على الوقوع فى الشرك والموفق من وفّقه الله والمعصوم من عصمه الله . فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن فقلبك الأن على حال وبعد ساعة على حال ولا تدرى ما المئال ، أو لا يكفيك خوفاً من الشرك أن الأنبياء خافوا على أنفسهم منه ؛ فهو هو خليل الله إبراهيم يستعيذ بربه من الشرك حيث يقول ( وأجنبنى وبنَّى أن نعبد الأصنام ) خليل الله الحنيف والحنيف هو المائل عن الشرك يخاف من الشرك ؛ بل إن حبينا إستعاذ بالله من الشرك فيدعو الله أن يُعيذه منه والحديث فى مسند أحمد وغيره عن أبى بكرة عن أبيه ( اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر ) وفى رواية فى مسند أحمد بسند صحيح ( اللهم إنى أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم ) والصحابة الأطهار خير الخلق بعد الرسل إستعاذوا جميعاً بالله من الشرك فعن إبن أبى مُليكة والحديث فى البخارى قال ( أدركت ثلاثين من أصحاب النبى وكلهم يخشى على نفسه النفاق ) فها هو عمر بن الخطاب يذهب إلى حذيفة ابن اليمان أمين السر الذى أطلعه النبى صلى الله عليه وسلم على أسماء المنافقين يذهب إليه ويقول ( أنشدك بالله يا حذيفة هل سمّانى لك رسول الله فى المنافقين ) يقول حذيفة : لا ولا أزكى بعدك أحدا .
يقول عمر بن الخطاب إنما تُنقض عُرى الإسلام عروةٌ عروة إذا نشأ فى الأسلام من لا يعرف الجاهلية : أى من لا يعرف الشرك وقد يقع فيه ومن لا يعرف الرياء وقد يقع فيه ومن لا يعرف النفاق وقد يقع فيه ، ولهذا فإننا نتحدث عن الشرك لا من باب الإتهام به ولكن من باب التحذير منه حتى نتجنبه ولنعلم أنه ما من نبى دعا بشئ قبل التوحيد فالتوحيد هو رسالة جميع الأنبياء وما من نبى حذّر من شئ قبل الشرك ونحن نسير على الدرب طالبين التوفيق :
أسيرُ خلف ركب القومِ ذا عرجٍ .. مؤمئلاً جبر ما لاقيت من عِوجٍ
فإن لحقت بهم بعد ما سبقوا .. فكم لرب السماء للناس من فرج
وإن ظللتُ بقفر الأرض مُنقطعاً .. فما على أعرجٍ فى ذاك من حرج.
ويكفى من خطورة الشرك أنك تعلم أن الله يغفر الذنوب جميعاً إلا الشرك ، فمن مات مُصراً على الشرك لا يغفر الله له ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) النساء ،ولكن من تاب وعمل صالحاً وكان قد وقع فى الشرك فإن الله يتوب على من تاب ، وفى صحيح البخارى عن النبى صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله أن رجلاً أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما الموجبتان ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( من مات لا يُشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يُشرك بالله شيئاً دخل النار ) ؛ والشرك ظُلمٌ عظيم يقول تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) (82) الأنعام ، وفى صحيح البخارى من حديث عبد الله بن مسعود ولمّا نزلت هذه الأية شقّ ذلك على صحابة رسول الله فقالوا يا رسول الله ومن منّا لا يظلم نفسه قال صلى الله عليه وسلم أنه ليس الذى تعنون ألم تسمعوا قول العبد الصالح ( لقمان ) يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) لقمان . ولم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لعمه أبى طالب فى موته على الشرك وإصراره عليه اللهم إلاّ يوم القيامة يقبل الله شفاعته قتوضع فى أخمصى قدميه جمرتان تغلى منهما دماءه فى دحضاحٍ من النار ولولا شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم لكان فى الدرك الأسفل من النار . وقد روى الأمام البخارى فى حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال لمّا حضرت أبا طالبٍ الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهلٍ وعبد الله بن أمية فجلس النبى بجوارِ عمه وقال ( ياعم قل لا إله إلا الله أُحاجُّ لك بها عند الله ) فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية أترغبُ عن ملةِ عبد المطلب فقال لهما أبو طالب لا بل إنه على ملةِ عبد المطلب فخرج رسول الله وهو يقول ( لأستغفرن لك مالم أُنه عنك ) فأنزل الله سبجانه ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )(113) التوبة
والخطوة الأولى للنصر والتمكين هى تحقيق التوحيد ونبذ الشرك ، يقول عز وجل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) النور
وحتى نتجنب الشرك نوضح أقسام الشرك ونسأل الله أن يعصمنا من الشرك فكل شئ يهون إلا أن يلقى العبد الله كافراً ، كل مصائب الدنيا تهون إلا مصيبة الشرك ، والشرك نوعان شرك أكبر وشركٌ أصغر:
والشركُ فاحذره فشركٌ ظاهرٌ ذا القسم ليس بقابل الغفران وهو إتخاذ الند للرحمان أيّاً كان من حجرٍ ومن إنسان يدعوه أو يرجوه ثم يخافه ويُحبه كمحبة الديّانِ. وهذا هو الشرك الأكبر وداخله أقسام شرك الدعوة وشرك الخوف وشرك المحبة وشرك الرجاء . وأمّا النوع الثانى من الشرك فهو الشرك الأصغر وهو الرياء وقد عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث محمود بن لبيد وغيره فقال ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالو يا رسول الله وما الشرك الأصغر قال الرياء ، يقول الله تعالى إذا جاز الناسُ بأعمالهم يقول لأهل الرياء : إذهبوا إلى من كنتم تراءون فهل تجدون عندهم جزاءا . فيامن تُراءى أعلم أن قلب من تُراءى بيدِ من عصيت قادرٌ على أن يُقلّب قلبه عليك . وحد الرياء إرادة الغير بفعل الخير فاحذر أن تخالف سريرتك علانيتك .
وبعد فقد بيّنا على عجالة خطورة الشرك وو ضحنا أقسامه وذكرنا أن لن تقوم الأمة إلا إذا أفردت الوحدانية لله وحققت التوحيد ثم ووقفنا أخيراً على أنواع الشرك وقد ذكرنا من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، والله المستعان ؛
أنواع الشرك
بداية ظهور الشرك
من سلسلة أمراض الأمة
رابط تحميل الحلقة موقع الطريق إلى الله
Comments