U3F1ZWV6ZTE3NDMwODE4MzA4MTc5X0ZyZWUxMDk5Njg2NzQ0NjUyNQ==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل
إعلان

الإستهانة بالكلمة



مرض خطير ربما يوقع صاحبه فى النار وهو لا يدرى وقد يستهين به كثير من الناس بل وكثير من الأخيار ؛ مرض قلّ من ينتبه لخطره إنه الإستهانة بالكلمة ، فالكلمة ليست حروف ترددها الألسنة دخانٌ يطير فى الهواء ولكن الكلمة أمانة كبيرة ومسئولية عظيمة فبكلمة تنال رضوان الله وتدخل جنته وهى كلمة التوحيد وبكلمة تتعرض لسخط الله وعذابه وهى كلمة الكفر وبكلمة قد تقتل برئ وهى شهادة الزور وبكلمة قد تفسد علاقة بين رجل وإمراته وهى القذف وبكلمة قد تمزق أواصر الصلة بين الأخوة المتحابون إنها النميمة وبكلمة قد تجرح إنساناً فاضلاً طاهراً كريماً وتنال من عرضه وشرفه فى مجلس عام أو مجلس خاص أو عبر جريدة او موقع او قناة فضائية بلا وازع من ضمير او وازع من إيمان إنها الغيبة .

خطر الكلمة على الأمة 

الكلمة شئ خطير واقول إن ترك الألسنة تتكلم بلا ضوابط وبلا خوف من الجليل لتلقى التهم جُذافاً هنا وهناك وهنالك دون بيّنة أو دليل او خوف من الملك الجليل هذا يترك المجال فسيحاً لكل من شاء أن يقول ما شاء فى اى وقتٍ شاء ثم يمضى آمناً مُطمئناً سعيداً بما اطلق من نار الحقد والغل فى قلبه وبما نال من عرض رجل أو إمرأة أو بما روّج من إشاعات باطلة فتصبح الأمة والجماعة المسلمة وتمسى وإذا أعراضها مُجرّحة وسمعتها ملوثة وإذا كل فرد فيها مُتّهم او مُهدد بالإتهام وهذه حالة من القلق والشك والريبة والظلم لا يُمكن أن تُطاق بحالٍ من الأحوال . 

كلمتك حياتك 

إن حياة الإنسان على ظهر الأرض إبتلاء وإختبار ونهايتها حساب بين يدى الله ، والمؤمن الصادق والمؤمنة الصادقة لا يستهين أبداً بكلمة أو بعمل ولا يحتقر قولاً أو عملاً لأن يعلم يقيناً أنه يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات فمن زرع خيراً بقولاً أو عملاً حصّل السعادة والكرامة ومن زرع شراً بقولاً أو عملاً حصد الندامة والشقاء فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)  الزلزلة . والكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) إبراهيم ، والكلمة الطيبة هى كلمة الحق وهى تُثمر الخيرفى كل حين وتأتى بالنتائج ولو بعد حين  ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) إبراهيم ، وكلمة الباطل لا تُثمر إلا الباطل والسوء والتعاسة والشقاء والندامة وهى كلمة خبيثة كالشجرة الخبيثة وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم  ، وما من كلمة تلفظها إلا وستُكتب فى صحيفة الحسنات أو صحيفة السيئات ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)  ق  وسُتحاكم إلى الله وتُحاسب على كلمتك والمفلس من أضاع نفسه بكلمة ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ( أتدرون من المفلس ؟ ) قالو المفلس فينا من لا درهم له ولا دينار قال صلى الله عليه وسلم ( المفلس من يأتى بصلاة وصيام وزكاة وحج وياتى وقد قذف هذا وشتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا وضرب هذا فياخذُ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من سيئات من ظلمهم ثم طُرحت عليه ثم طُرح فى النار ) ، وفى الوقت الذى قد يتورع إنسان مسلم عن أكل لحم لم يذبح بالطريق الإسلامية قد لا يتورع عن أكل الحرام من لحوم إخوانه من البشر وخاصة العلماء ، والمؤمن الحق هم من يعى خطورة الكلمة ويعرض عنها يقول تعالى ( والذين هم عن اللغو معرضون ) ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) ( والذين لا يشهدون الزور وإذا مرو باللغوا مروا كراما )
وورد فى الصحيحين عن ابى هريرة قال النبى صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الخر فليقل خيراً أو ليصمت ) وفى الصحيحين أيضاً عن أبى موسى الأشعرى قال قلت يا رسول الله أى الأعمال أفضل وفى لفظ أى الأعمال خير قال صلى الله عليه وسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) وفى صحيح البخارى من حديث سهل بن سعد الساعدى قال صلى الله عليه وسلم ( من يضمن لى ما بين لحييه – فكيه – وما بين فخديه – أى فرجه – أضمن له الجنة ) وفى سنن أبى داودد والترمذى وغيرهما عن النبى صلى الله عليه وسلم ( ما من يوم يمر إلا وتخضع الجوارح كلها للسان وتذل وتقول له إتق الله فينا فإنما نحن بك فإذا إستقمت إستقمنا وإن إعوججت إعوججنا ) وفى وصية نادرة غالية من البشير النذير لصحابى جليل جاء يسال عن طريق النجاة وهو الصحابى أبو عمرة سفيان بن عبد الله والحديث رواه مسلم والترمذى واللفظ للترمذى قال قلت يا رسول الله حدثنى بأمر أعتصم به فقال صلى الله عليه وسلم قل ربى الله ثم إستقم قال أبو عمرة ما أخوف ما تخاف على يا رسول الله فاخذ رسول الله بلسانه – أى بلسانه هو صلى الله عليه وسلم – ثم قال اخوف ما أخاف عليك هذا ، وفى سنن أحمد وابو داود والترمذى والحديث صحيح عن معاذ بن جبل يقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( يا معاذ ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه قال معاذ قلت بلى يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد فى سبيل الله ثم قال يا معاذ ألا  اخبرك بملاك هذا كله قلت بلى يا رسول الله قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ثم قال كف عليك هذا قال معاذ أو إنّا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم ثكلتك امك يا معاذ وهل يُكب الناس فى النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )

أنواع الكلمة الخبيثة 

وسنعرض الأن لأنواع من الكلمات السوء التى قد تودى بصاحبها فى جهنم وتورده المهالك وتجعله عرض لغضب الله وعقابه .

شهادة الزور 

روى البخارى ومسلم من حديث أبى بكرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( ألا اُنبئكم بشهادة الزور قالوا بلى يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان مُتكئاً فجلس ثم قال ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور فما يزال يكررها حتى قال الصحابى الجليل أبو بكرة ليته سكت ) 

النميمة 

هى نقل الكلام بين الناس على سبيل الإفساد فحقيقتها إفشاء السر وهتك الستر . وفى الصحيحين عن حذيفة بن اليمان قال صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة نمّام ) وفى رواية قتّات ؛ والقتّات هو النّمام . والنميمة سبب من عذاب القبر ففى الصحيحين عن إبن عباس قال مر النبى صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان فى كبير أما أحدهما فكان يسعى بين الناس بالنميمة وأما الأخر فكان لا يستتر من بوله ) 

الغيبة 

الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره ، ففى سنن أحمد والترمذى والحديث صحيح قال صلى الله عليه وسلم ( يا معشر من أمن لسانه ولم يؤمن قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخية تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه فى جوف بيته ) فأعلم أن الله يسمع ويرى ، قال صلى الله عليه وسلم والحديث فى الصحيحين ( أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال صلى الله عليه وسلم ذكرك اخاك بما يكره قال الصحابة فإن كان فيه ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) والبهتان هو الظلم العظيم . وروى أبو داود فى سننه وغيره بسند صحيح من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم قال ( لما عُرج بى مررت على قوم لهم أظفار من نحاس يغمسون بها وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى أعراضهم ) وروى أبو داود والبيهقى وأبو يعلى والحديث صحح إسناده إبن كثير فى تفسيره سورة الحجرات ان النبى صلى الله عليه وسلم لمّا أمر برجم ماعز بن مالك حين إعترف له بالزنا ورجم ماعز بن مالك ثابت فى صحيح مسلم سمع صلى الله عليه وسلم رجلين يقول احدهما للأخر ألم ترى إلى هذا الذى ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رُجم رجم الكلب فسمع النبى صلى الله عليه وسلم حتى مر بجيفة حمار فقال أين فلان وفلان فقالا ها نحن يا رسول الله قال كلا من جيفة هذا الحمار فقالا وهل يؤكل من من هذا يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ما أكلتما أنفاً من لحم أخيكما أشد من أكلكما من جيفة هذا الحمار ثم قال صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده انه الأن لفى أنهار الجنة ينغمس فيها ).

خير ختام 

دخل عمر بن الخطاب على الصديق رضى الله عنه فرأه قد جذب لسانه خارج فمه فقال إبن الخطاب يا أبا بكر مه مه – أى تمهل تمهل – فيقول الصديق هذا والله ما أوردنى المهالك ؛ وها هو عبد الله بن عباس ترجمان القرءان وحبر الأمة يمسك لسانه ويقول قل خيراً تنعم أو أسكت من سوءٍ تسلم وإلا فأعلم أنك ستندم ؛ وها هو عبد الله بن مسعود أعلم الأمة بالقرءان يقول فى شأن لسانه والله لا اعلم شيئاً على ظهر الأرض أحوج إلى طول سجن من لسانى ، ماذا نقول نحن بعد أن سمعنا لإقوال سادتنا وأئمتنا نسأل الله السلامة ، والله المستعان ؛

Comments
NameEmailMessage