قطوف من تفسير سورة العنكبوت (من أيسر التفاسير للجزائرى)
الأيات من 1 : 13
{
وهم لا يفتنون } : بما يتبين به حقيقة إيمانهم من التكاليف ومنها الصبر على الأذى
.
{
أن يسبقونا } : أي يفوتونا فلا ننتقم منهم .
{
فتنة الناس } : أي أذاهم له .
هذه
الآيات نزلت في شأن سعد بن ابي وقاص لما أسلم قالت له أمه حمنة بنت أبي سفيان ما
هذا الدين الذي أحدثت والله لا آكل ولا اشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت
فتُعَيَّر بذلك أبد الدهر يقال يا قاتل أمه ، ثم إنها مكثت يوماً وليلة لم تأكل
ولم تشرب ولم تستظل فأصبحت وقد جهدت ثم مكثت يوماً آخر وليلة لم تأكل ولم تشرب
فجاء سعد إليها وقال : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت
ديني فكلي إن شئت وإن شئت فلا تأكلى ، فلما ايست منه أسلمت وأكلت وشربت فأنزل الله
هذه الآية { ووصينا الإِنسان بوالديه حسناً }
{
وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا } أي ديننا وما نحن عليه { ولنحمل خطاياكم
} أي قال رؤساء قريش لبعض المؤمنين اتركوا سبيل محمد ودينه واتبعوا سبيلنا وديننا
، وإن كان هناك بعث وجزاء كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم - نحن مستعدون أن
نتحمل خطاياكم ونجازى بها دونكم فأكذبهم الله تعالى بقوله : { وما هم بحاملين من
خطاياهم من شيء } و { إنهم لكاذبون } في قولهم ولنحمل خطاياكم .
الأيات من 14 : 18
{
وإبراهيم } : أي واذكر إبراهيم على قراءة النصب لإِبراهيم ، وعلى قراءة الرفع :
ومن المرسلين إبراهيم .
{
وتخلقون إفكاً } : أي تختلقون الكذب فتقولون في الأصنام والأوثان آلهة وتعبدونها .
الأيات من 19 : 23
{
أولم يروا } : أي ينظروا بأبصارهم فيعلموا بقلوبهم .
{
يعذب من يشاء ويرحم من يشاء } هذه فائدة وحكمة البعث الآخرة وهي المجازاة على
العمل في هذه الحياة فيعذب أهل الكفر به وبرسوله والذين لم يزكوا أنفسهم بالإِيمان
وصالح الأعمال فيدخلهم جهنم دار الشقاء والعذاب ويرحم أهل الإِيمان والتقوى الذين
زكوا أنفسهم بالإِيمان والصالحات .
من
هداية الأيات
قُلْ
سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ
يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)
وجوب
استعمال العقل للاستدلال على الغائب بالحاضر وعلى المعدوم بالموجود .
تقرير
عجز الإنسان التام وأنه لا مهرب له من الله تعالى ربه ومالكه وهي حال تستدعي
الفرار إلى الله اليوم بالإِيمان والتقوى .
الأيات من 24 : 30
{
إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا } هذا من جملة قول
إبراهيم لقومه وهو يعظهم ويرشدهم فأخبرهم بحقيقة يتجاهلونها وهي أنهم ما اتخذوا
تلك الأوثان آلهة يعبدونها إلا لأجل التعارف عليها والتوادد والتحاب من أجلها ،
فيقيمون الأعياد لها ويجتمعون حولها فيأكلون ويشربون لا أنهم حقيقة يعتقدون أنها
آلهة وهي أحجار نحتوها بأيديهم ونصبوها تماثيل في سوح دورهم وأمام منازلهم.
{
فآمن له لوط } : أي آمن بإبراهيم لوط وهو ابن أخيه هاران ولم يؤمن من قومه سواه .
{
وتأتون في ناديكم المنكر } : أي مجالس أحاديثكم تأتون المنكر كالضراط وحل الإِزار
والفاحشة أي اللواط .
{
ائنكم لتأتون الرجال } أي في أدبارهم { وتقطعون السبيل } وذلك أنهم كانوا يعتدون
على المارة بعمل الفاحشة معهم قسراً وبسلب أموالهم وبذلك امتنع الناس من المرور
فانقطعت السبيل ، كما أنهم بإتيانهم الذكران عطلوا السبيل بقطع سبيل الولادة ،
وزاد لوط في تأنيبهم والإِنكار عليهم والتوبيخ لها فقال { وتأتون في ناديكم المنكر
} والنادي محل اجتماعهم وتحدثهم وإتيان المنكر فيه كان بارتكاب الفاحشة مع بعضهم
بعضاً ، وبالتضارط فيه ، وحل الإِزار ، والقذف بالحصى وما إلى ذلك مما يؤثر عنهم
من سوء وقبح .
من
هداية الأيات
التحذير
من العبث والباطل قولاً أو عملاً وخاصة في الأندية والمجتمعات .
الأيات من 31 : 35
{
كانت من الغابرين } : أي كانت في علم الله وحكمه من الباقين في العذاب .
{
ولقد تركنا منها آية } : أي تركنا من قرية سدوم التي دمرناها آية بينة وهي خرابها
ودمارها وتحولها إلى بحر ميت لا حياة فيه .
الأيات من 36 : 40
{
فأخذتهم الرجفة } : الهزة العنيفة والزلزلة الشديدة .
{
في دارهم جاثمين } : لاصقين بالأرض أمواتاً لا يتحركون .
{
وقد تبين لكم من مساكنهم } : أي تبين لكم إهلاكهم من مساكنهم الخالية منهم بالحجر
شمال الحجاز واشحر جنوب اليمن .
{
وكانوا مستبصرين } اي ذوي بصائر اي معرفة بالحق والباطل والخير والشر ما علمتهم
الرسل ولكن آثروا أهواءهم على عقولهم فهلكوا .
أخذنا
بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً } أي ريحاً شديدة كعاد .
{
ومنهم من أخذته الصيحة } كثمود { ومنهم من خسفنا به الأرض } كقارون { ومنهم من
أغرقنا } كفرعون.
الأيات من 41 : 45
من هداية الأيات
وجوب
تلاوة القرآن ، وإقامة الصلاة ، وذكر الله ، إذ هى غذاء الروح وزاد العروج إلى
الملكوت الأعلى .
بيان
فائدة إقام الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى بالقلب واللسان .
الأيات من 46 : 49
{
ولا تجادلوا أهل الكتاب } : أي لا تحاجوا ولا تناظروا اليهود ولا النصارى .
{
إلا بالتي هي أحسن } : أي إلا بالمجادلة التي هي أحسن وهي الدعوة إلى الله بآياته
والتنبيه على حججه .
{
إلا الذين ظلموا منهم } : أي الذين لم يدخلوا في ذمة المسلمين بدفع الجزية وبقوا
حربا على المسلمين .
{
ولا تخطه بيمينك } : أي تكتب بيدك لأنك أميّ لا تقرأ ولا تكتب .
{
لارتاب المبطلون } : أي لشك اليهود في نبوتك ونزول القرآن إليك .
حرمة
سؤال أهل الكتاب لقوله صلى الله عليه وسلم : « ا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم
لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل » .
منع
تصديق أهل الكتاب أو تكذيبهم إذا أخبروا بشيء ووجوب قول : { آمنا بالذي أُنزل
إلينا وأُنزل إليكم ، وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون } .
الأيات من 50 : 52
{
وقالوا } أي أهل مكة { لولا أنزل عليه آيات من ربه } أي هلاّ أُنزل على محمد آيات
من ربّه كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى إذ هذا الذي يعنون بالآيات أي معجزات
خارقة للعادة . قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل يا رسولنا لقومك المطالبين
بالآيات دليلا على صدق نُبُوَّتك قل لهم : أولا : الآيات التي تطالبون بها هي عند
الله وليست عندى فهو تعالى ينزِّلها متى شاء وعلى من شاء . وثانيا { إنما أنا نذير
مبين } أي وظيفتي التي أقوم بها هي إنذار أهل الظلم من عاقبة ظلمهم وهي عذاب النار
فلذا لا معنى بمطالبتي بالآيات . وثالثا أو لم يكفهم آية أن الله تعالى أنزل عليّ
كتابه فأنا أتلوه عليكم صباح مساء فأي ىية أعظم من كتاب من أميّ لا يقرأ ولا يكتب
تُتلى ىياته تحمل الهدى والنور وهو في الوقت نفسه رحمة وذكرى أي موعظة لقوم يؤمنون
فهي معجزة ثابتة قائمة باقية يجد فيها المؤمنون الرحمة فيتراحمون بها ويجدون فيها
الموعظة فهم يتعظون بها ، فأين هذا من معجزة تبقى ساعة ثم تذهب وتروح كمائدة عيسى
أو عصا موسى . ورابعا : شهادة الله برسالتي كافية لا يُطلب معها دليل آخر على
نبوتي ورسالتي ، فقد قال لي ربي : { قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً } . ربي الذي
يعلم ما في السموات والأرض من كل غيب ومن ذلك علمه بأني رسوله فشهد لي بذلك
بإِنزاله عليَّ هذا الكتاب وأخيراً وبعد هذا البيان يقول تعالى { والذين آمنوا
بالباطل } وهو تأليه المخلوقات من دون الله { وكفروا } بأولوهية الله الحق { أولئك
} البعداء في الفساد العقلي وسوء الفهم { وهم الخاسرون } في صفتهم حين اشتروا
الكفر بالإِيمان واستبدلوا الضلالة بالهدى .
الأيات من 53 : 60
{
ولولا أجل مسمّى } : أي وقت محدد للعذاب لا يتقدمه ولا يتأخر عنه لجاءهم .
من
هداية الأيات
بيان
أن تأخير العذاب لم يكن عن عجز وإنما هو لنظام دقيق إذ كل شيء له أجل محدد لا
يتقدم ولا يتأخر .
{
كل نفس ذائقة الموت } : أي لا يمنعنكم الخوف من الموت أن لا تهاجروا في سبيل الله
فإِن الموت لا بد منه للمهاجرين ولمن ترك الهجرة .
{
ثم إلينا ترجعون } : أي بعد موتكم ترجعون إلى الله فمن مات في سبيل مرضاته أكرمه
وأسعده ، ومن مات في معصيته أذاقه عذابه .
{
لنبوِّئنهم } : أي لنُنزلنَّهم من الجنة غرفاً تجرى من تحتها الأنهار .
{
وكأيّن من دابة لا تحمل : أي لا تطيق جمعه ولا حمله لضعفها ، والله يرزقها فلا
رزقها } عذر لمن ترك الهجرة خوفاً من الجوع والخصاصة .
من
هداية الأيات
لا
عذر لأحد في ترك عبادة الله وتوحيده فيها لأنه إن منع منها في بلد وجب عليه أن
يهاجر إلى بلد آخر .
لا
معنى للخوف من الموت إذا وجب العمل كالهجرة والجهاد لأن الموت حق ولا بد منه .
لا
يمنعن المؤمن من الهجرة خوفه من الجوع في دار هجرته إذ تكفل الله برزقه .
الأيات من 61 : 64
{
فأنى يؤفكون } : أي كيف يصرفون عن الحق بعد ظهور أدلته لهم . وهو أن الخالق المدبر
هو الإِله الحق الذي يجب توحيده في عبادته .
{
وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو : أي يالنظر إلى العمل لها والعيش فيها فهي لهو
يتلهى بها ولعب الإِنسان يخرج منه بلا
طائل ولا فائدة .
{
الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له } هذا مظهر من مظاهر الحكمة الإِلهية
والتدبير الحكيم وهو موجبٌ له الألوهية نافٍ لها عما سواه . فهذا يبسط الرزق له
فيوسع عليه في طعامه وشرابه وكسائه ومركوبه ومسكنه ، وهذا يضيق عليه في ذلك لماذا؟
والجواب إنه يوسع امتحاناً للعبد هل يشكر أو يكفر ، ويضيق ابتلاءا للعبد هل يصبر
أو يسخط . ولذا فلا حجة للمشركين في غناهم وفقر المؤمنين فالغنى لا يدل على رضا
الله على العبد ولا على سخطه . والفقر كذلك لا يدل على سخط ولا على رضا .وقوله
تعالى { إن الله بكل شيء عليم } تقرير لحكمته ورحمته وعدله وتدبيره فهو يوسع لحكمة
ويضيق لحكمة لعلمه بعباده وما يصلحهم وما يفسدهم إذ من الناس من يصلحه الغنى ،
ومنهم من يصلحه الفقر ، والإِفساد كذلك.
{
وإن الآخرة } أي الدار الآخرة { لهي الحيوان } أي الحياة التي يجب أن نعمل لها
لبقائها وخيريّتها ، وقوله : { لو كانوا يعلمون } اي نعم إذ لو علموا أن الآخرة
خير لما اقبلوا على الدنيا وأعرضوا عن الآخرة ، ولكن جهلهم هو سبب إعراضهم ،
فدواؤهم العلم .
التعجب
من تناقض المشركين الذين يؤمنون بربوبيَّة الله ويجحدون أُلوهيته .
الأيات من 65 : 69
{
والذين جاهدوا فينا } : أي بذلوا جهدهم في تصحيح عقائدهم وتزكية نفوسهم وتهذيب
أخلاقهم ثم بقتال أعداء الله من أهل الكفر المحاربين للاسلام والمسلمين .
{
لنهدينهم سبلنا } : أي لنوفقنَّهم إلى معرفة ما يوصل إلى محبتنا ورضانا ونعينهم
على تحصيله .
{
أليس في جهنم مثوى للكافرين } ؟ والاستفهام للتقرير اي إن في جهنم مثوى أي مسكناً
للكافرين من أمثالهم وهم كافرون ظالمون وذلك جزاؤهم ولبئس الجزاء جهنم .
بيان
أن مشركي العرب لم يكونوا ملاحدة لا يؤمنون بالله تعالى وتقرير أنهم كانوا موحدين
توحيد الربوبية مشركين في توحيد الألوهية اي العبادة .