قصة طالوت وجالوت وداوود والتابوت وماذا كان موجوداً
فيه. وكيف قتل داوود جالوت
الملاء من بنى إسرائيل : هم اشراف القوم
من بعد موسى : أى لم يكونوا فى عهد نبى الله موسى وإنما
كانو فى عصر حزقيل أو يوشع بن نون أو شمويل بن بالى حسب ما ورد فى التفاسير،
وأختلف فيه المفسرون.
تدور أحداث قصة طالوت وجالوت حول ملاء من بنى إسرائيل
بعد نبى الله موسى، فلم يكونوا فى عهد موسى عليه السلام وإنما كانوا فى عصر حزقيل
أو يوشع بن نون أو شمويل بن بالى حسب ما ورد فى التفاسير وإختلف فيه المفسرون.
وعلى أية حال فطالما لم يسمى القرآن هذا النبى فلا داعى للخوض فى معرفة من هو.
إجتمع هؤلاء القوم ثم ذهبوا إلى نبيهم يطلبون منه أن
يبعث لهم ملكاً كى يقاتلوا فى سبيل الله، فكان هناك نبى ولم يكن هناك ملك
وهذا يفيد أن النبوة كانت تشرف على نفاذ الأعمال أى
تنفيذها ولا تباشر الأعمال ، والملك هو الذى يباشر الأعمال، ولم يكن آنذاك من ملك
يباشر الأعمال.
وكان نبى الله متخوفاً إن إذا كتب عليهم القتال أن لا
يقاتلوا ولكنهم عللوا ذلك بأنهم كيف يمتنعون عن القتال وقد أخرجوا من ديارهم
وأبناءهم وطردوا منها. حيث أن أحوال بنى إسرائيل تبدلت لقتلهم الأنبياء نبياً بعد
نبى حتى ظهر عدو الله عليهم فسلط عليهم ملوكاً جبارين سفكوا دمائهم وبدلوا أحوالهم
وأوغلوا فيهم وكانوا من قبل لا يقدرون عليهم إذا كان فيهم تابوت الميثاق الذى نجى
الله فيه موسى من الغرق عندما أمر أمه أن تضعه فيه وتلقيه فى التابوت. وكان بنو
إسرائيل قد أحتفظوا بهذا التابوت ووضعوا فيه بقية من آثار نبىا الله موسى وهارون.
وبعد حين جاءهم الرد من نبيهم أنه قد كتب عليهم القتال
فلما علموا حدث ما كان قد توقعه فتولوا إلا قليلاً منهم.
ورغم أنهم قالوا له أبعث لنا ملكاً إلا أنه طمأنهم اشد
الطمأنينة أن الله هو الذى قد بعث لهم ملكاً وهو طالوت، وكان الأحرى بعد أن علموا
ذلك أن لا ينطقوا بكلمة بعد إختيار الله، ولكنهم رغم ذلك قد أعترضوا وقالوا كيف
يكون طالوت ملكاً ونحن أحق بالملك منه فهو فقير وليس غنياً مثلناً ولا من اشرافنا،
لذا فنحن أحق بالملك منه.
ولكن لماذا أعترض الملاء من بنى إسرائيل على طالوت
وقالوا أنهم أحق بالملك منه؟
لقد قالوا ذلك لأنه فى ذلك الوقت كان هناك نسلين : نسل
قد أخذ النبوة ونسلٌ قد أخذ الملوكية، فمن هذا النسل يخرج الأنبياء ومن هذا النسل
يأتى الملوك.
وكان الملوكية قد أخذها نسل لاوى بن يعقوب والنبوة قد
أخذها نسل بنيامين بن يعقوب، وكان طالوت ليس من نسل هذا ولا ذاك فلذا قد أعترضوا
عليه.
ويريد الحق أن يوجهنا إلى قضية هامة عند الإختيار
للمناصب أو التكليفات، وهى ان لا نلتفت إلى الحسب أو النسب ولكن يجب أن نختار
الأصلح، بمعنى أخر لا يجب أن نلتفت إلى أهل الثقة ولكن يجب ان نلتفت إلى أهل
الخبرة.
وبعد أن أعترضوا على نبى الله طالوت قال لهم نبيهم أن
الله قد أختاره عليهم وزاده بسطة فى العلم والجسم فهو رجلٌ عليم جسيم، والأمر
المقبلين عليه يحتاج إلى هاذين الصفتين على وجه التحديد، فأمر القتال يحتاج إلى
العلم والقوة، وها هو نبى الله طالوت قد جمع الله فيه هذين الصفتين.
وفى قول الله تعالى أن الله قد زاده بسطة فى العلم
والجسم أنه كان الأحرى بهم أن يقبلوا من أرسل الله إليهم ولو لم يذكر هذه الزيادة،
لأن إختيار الله كفيل بالقبول والثقة، ورغم ذلك كان الفضل من الله بأنه قد زاده
بسطة فى العلم والجسم.
وقال لهم نبيهم أيضاً أن علامة ملكه أن يأتيهم التابوت.
وفى تعريف التابوت لهم ثلاثة أمور:
أنه شئ معروفٌ لديهم
وأنه كان غائباً عنهم
وأنهم كانوا متلهفين لمجيئه
فما هو هذا التابوت؟
امر التابوت قد ذُكر أول ما ذكر فى سورة القصص عندما
أوحى الله إلى أم موسى أن أقذفيه فى التابوت، وإن كان هذا التابوت هو ذاك ام لا
فأمر التابوت إذن مرتبط ببنى إسرائيل بعقيدة لديهم وأن عدوهم قد أجار عليهم وأخذ
منهم التابوت، فالعدو أول ما يغير على قوم يهرع إلى طمس هويتهم الدينيهم بسلب
مقدساتهم منهم أو السيطرة عليها، وقد كان من عدو بنى إسرائيل هذا الأمر عليهم إذا
سلب منهم ذلك التابوت.
فعلامة ملك طالوت هو مجئ ذلك التابوت فيه سكينة أى فيه
إطمئنان وإستقرار نفسى، فهم عندما سيرون ذلك التابوت الذى كان سبب نجاة نبيهم
فحتماً ستنسمون فيه صلتهم بالسماء والتى تروح عن النفس وتذيقها الطمأنينة. وهذا
التابوت فيه السكينة وفيه التوراة وفيه اثار مما ترك آل موسى وآل هارون وهى آثار
نبيهم موسى وهارون،كعصى موسى ودرعه وغيرها من أثار نبيهم وفضلاً عن ذلك كله سيأتى
التابوت تحمله الملائكة، والتى لن يرونها وإنما سيرون التابوت محمولاً فى الهواء
بلا حامل وذلك أمراً يخلع القلوب.
وكل هذه الحجج جعلت بنو أسرائيل لا يتاونوا فى قبول طالوت
ملكاً بعد أن كانوا قد أعترضوا على ملكه فى بادئ الأمر.
فلما فصل طالوت بالجنود أى ذهب بهم لقتال عدوهم أراد أن
يختبر هؤلاء القوم الذين قد أعترضوا عليهم وذلك ليميز الخبيث من الطيب فقال لهم ان
الله قد أختبرهم بنهر، وهو بين الأردن وفلسطين فمن شرب منه فليس من طالوت ولا من
جنده ومن لم يطعمه إلا غرفة بيده فهو من جنده وخاصته والذين سيذهب بهم لقتال
عدوهم.
ولكنهم شربوا إلا قليل، حيث لم يمتنع من الشرب من النهر
إلا أربعة الف وشرب من النهر ستة وسبعون ألفاً ونرى هنا غرابيل الإختبار تنقى
الأفضل فالأفضل، فلم يذهب مع طالوت إلافئة من بنى إسرائيل ولم يمتثل لأمر عدم
الشرب إلا القليل من هذا القليل، ولما عبروا النهر قالت فئة كثيرة لا طاقة لنا
اليوم بجالوت وجنوده وقالت الفئة القليلة المصطفاة الذين يظنون أنهم ملاقوا الله
" كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.، وكان عددهم
ثلاثمائة أو أربعمائة مقاتل فإنظر إلى إختبارات الله لتنقية الأفضل فسبحان الله
العظيم، وكانت هذه الفئة الأخيرة هى التى هزمت جالوت وجنوده.
فلما برزت تلك الفئة لجالوت وجنوده دعوا الله فقالوا
" ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين"
وقتل داود
جالوت ، وهنا أول ذكر لداوود وهو من جند نبى الله طالوت وستكون له قصص وعبر ، حيث
سيأتيه الله النبوة والحكمة وسيعلمه ما يشاء وسيكون منه نبى الله سليمان بن داوود.
وكان داوود أخاً لعشرة هو أصغرهم، وقد قال طالوت لهؤلاء
العشرة ومنهم نبى الله داوود أن من سيدخل
المعركة سيكون درع نبى الله موسى والذى
كان موجوداً فى التابوت سيكون على قدر جسمه، أى أن جسمه سيكون فى جسم نبى الله
موسى، فقام أبو دوواد بقياس درع سيدنا على موسى على أولاده العشرة حتى وافق مقاسه
نبى الله داوود فأعطاه إياه ودخل المعركة مع نبى الله طالوت، وانظر إلى حكمة الله
تعالى أن يكون هذا الصغير هو القاتل لكبير القوم وطاغيتهم.
فلما كان القتال وأصطف الجيشان رمى داوود جالوت بقوسه
فأصابه بين عينيه فأسقطه قتيلا، ودارت رحى المعركة وأنتصر جيش طالوت، بعد أن قتل
داوود جالوت.
وكان طالوت قد وعده الله إن قتل جالوت أن يزوجه أبنته،
ويشاطره نعمته، ويشركه في أمره، فوفى له ثم آل الملك إلى داود عليه السلام مع ما
منحه الله به من النبوة العظيمة، ولهذا قال الله تعالى : وآتاه الله الملك الذى
كان بيد طالوت والحكمة أي النبوة بعد شمويل ، وعلمه مما يشاء ، أي مما يشاء الله
من العلم الذى أختصه به صلى الله عليه وسلم كمنطق الحيوان والطير.
يقول الشيخ الشعراوى تعقيباً على القصة :
لما قتل داوود
جالوت أتاه الله الحكمة والنبوة وعلمه منطق الطير فأستبشر دوواد من هذا فلم تكن له
صنعة بعد ذلك إلا صناعة الدروع تيمناً بالدرع الذى قتل به عدو الله جالوت.فألان
الله له الحديد وعلمه صنعة لبوس وهى الدروع. فسبحان الله العظيم الذى يؤتى ملكه من
يشاء.
يمكنك الإستماع إلى فيديو للقصة كاملة محققة من تفسير بن كثير وتفسير الشيخ الشعراوى
Comments