مختصر تفسير سورة لقمان من أيسر التفاسير للشيخ أبى بكر الجزائرى
مكية (1)
وآياتها أربع وثلاثون آية
الأيات من 1 : 5
{ الحكيم } : أي المحكم الذي لا نسخ يطرأ
عليه بعد تمام نزوله ، ولا خلل فيه ، وهو الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه فلا خلط
ولا خبط فيما يحمل من هدى وتشريع .
{ للمحسنين } : أي الذين يراقبون
الله تعالى في كل شؤونهم إذ هم الذين يجدون الهدى والرحمة في القرآن الكريم أما
غيرهم من أهل الشرك والمعاصي فلا يجدون ذلك .
بيان مبنى الدين : وهو الإِيمان
والإِسلام والإِحسان .
الأيات من 6 : 11
{ ومن الناس من يشتري لهو الحديث
ليضل عن سبيل الله بغير علم } اي ومن بعض الناس إنسان هو النضر بن الحارث الكلدي
حليف قريش يشتري لهو الحديث أي الغناء إذ كان يشترى الجواري المغنيات ويفتح ناديا
للهو والمجون ويدعو الناس إلى ذلك ليصرفهم عن الإِسلام حتى لا يجلسوا إلى نبيّه
ولا يقرأوا كتابه بغير علم منه بعاقبة صنيعه وما يكسبه من خزي وعار وعذاب النار .
حرمة غناء النساء للرجال الأجانب .
حرمة شراء الأغاني في الأشرطة
والاسطوانات التي بها غناء العواهر والخليعين من الرجال .
حرمة حفلات الرقص والغناء الشائعة
اليوم في العالم كافره ومسلمه .
لا قصور في الأدلة والحجج الإِلهية
وإنما ضلال العقول بالشرك والمعاصي هو المانع من الاهتداء . والعياذ بالله تعالى .
الأيات من12 : 15
{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } : أي
أعطينا لقمان القاضي : اي الفقه في الدين والعقل والإِصابة في الأمور .
{ لابنه وهو يعظه } : أي ابنه
ثاران وهو يعظه أي يأمره وينهاه مرغَّباً له مرهباً .
{ وهنا على وهن } أي ضعفا على ضعف
وشدة على أخرى وهي آلام وأتعاب الحمل والطلق والولادة والإِرضاع فلهذا تأكدَّ
برُّهما فوق برِّ الوالد مرتين لحديث الصحيح : « من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال :
أمك ، قال ثم من؟ قال : أمك ، قال ثم من؟ قال : أمك ، قال : ثم من؟ قال : أبوك »
الأيات من 16 : 19
{ واغضض من صوتك } أمره أن يقتصد
في صوته ايضاً فلا يرفع صوته إلا بقدر الحاجة . كالمقتصد لا يُخرج درهمه إلا عند
الحاجة وبقدرها وقوله { إن أنكر الأصوات كصوت الحمير } ذكر هذه الجملة لينفره من
رفع صوته بغير حاجة فذكر له أنَّ أقبح الأصوات صوت الحمير لأنه عال مرتفع وأوله
زفير وآخره شهيق.
وجوب مراقبة الله تعالى وعدم
الاستخفاف بالحسنة والسيئة مهما قلت وصغرت .
الأيات من 20 : 21
{ وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة } : أي
أوسع وأتمّ عليكم نعمه ظاهرة وهي الصحة وكمال الخلق وتسوية الأعضاء .
تعيين الاستدلال بالخلق على الخالق
وبالنعمة على المنعم .
وجوب ذكر النعم وشكرها لله تعالى
بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
حرمة الجدال بالجهل ودون علم .
حرمة التقليد في الباطل والشر
والفساد كتقليد بعض المسلمين اليوم للكفار في عاداتهم وأخلاقهم ومظاهر حياتهم .
الأيات من 22 : 26
{ ومن يسلم وجهه إلى الله } : أي
أقبل على طاعته مخلصاً له العبادة لا يلتفت إلى غيره من سائر خلقه .
{ فقد استمسك بالعروة الوثقى } :
أي تعلّق بأوثق ما يتعلق به فلا يخاف انقطاعه بحال .
بيان أن المشركين من العرب موحدون
في الربوبيّة مشركون في العبادة كما هي حال كثير من الناس اليوم يعتقدون أن الله
ربّ كل شيء ولا ربَّ سواه ويذبحون وينذرون ويحلفون بغيره ، ويخافون غيره ويرهبون
سواه . والعياذ بالله .
الأيات من 27 : 28
{ ولو أَن ما في الأرض من شجرة
أقلام } اي لو أن شجر الأرض كله قطعت أغصانه شجرة شجرة حتى لم تبق شجرة ويُريت
أقلاماً ، والبحر المحيط صار مداداً ومن ورائه سبعة أبحر أخرى تحولت إلى مداد
وتُمد البحر الأول وكُتب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله لنفد البحر والأقلام
ولم تنفد كلمات الله ، وذلك لأن الأقلام والبحر متناهية ، وكلمات الله غير متناهية
فعلم الله وكلامه كذاته وصفاته لا تتناهى بحال ، نزلت هذه الاية رداً على اليهود
لما قيل لهم { وما أُتيتم من العلم إلا قليلا } قالوا وكيف هذا وقد أُوتينا
التوراة فيها تبيان كل شيء . كما نزل رداً على أُبي بن خلف قوله تعالى : { ما
خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم كيف يخلقنا
الله خلقا جديدا في يوم واحد ليحاسبنا ويجزينا ، ونحن خلقنا اطواراً وفي قرون
عديدة فأنزل تعالى قوله { ما خلقكم ولا بعثكم } إلا كخلق وبعث نفس واحدة { إن الله
سميع بصير } فكما يسمع المخلوقات ولا يشغله صوت عن صوت ، ويُبصرهم ولا تحجبه ذات
كذلك هو يبعثهم في وقت واحد ولو اراد خلقهم جملة واحدة لخلقهم لأنه يقول للشيء كن
فيكون .
بيان سعة علم الله تعالى وأنه
تعالى متكلم وكلماته لا تنفد بحال من الأحوال .
الأيات من 29 : 32
{ ان الله يولج الليل في النهار }
: أي يدخل جزءاً منه في النهار ، ويدخل جزءاً من النهار في الليل بحسب الفصول .
{ وسخر الشمس والقمر } : يسبحان في
فلكيهما الدهر كله لا تكلان إلى يوم القيامة وهو الأجل المسمى لهما .
{ ذلك بأن الله هو الحق } : أي ذلك
المذكور من الإيلاج والتسخير بسبب أن الله هو الإِله الحق .
{ وإذا غشيهم موج } : أي علاهم
وغطاهم من فوقهم .
{ كالظلل } : أي كالجبال التي تظلل
من تحتها .
{ فمنهم مقتصد } : أي بين الكفر
والإِيمان بمعنى معتدل في ذلك ما آمن ولا كفر .
{ كل ختار كفور } : أي غدار كفور
لنعم الله تعالى .
بيان أن المشركين أيام نزول القرآن
كانوا يوحدون في الشدة ويشركون في الرخاء .
شر الناس الختار اي الغدار الكفور
.
ذم الختر وهو أسوأ الغدر وذم الكفر
بالنعم الإِلهية .
الأيتين 33 ، 34
{ ولا يغرنكم بالله الغرور } : أي
الشيطان يغتنم حلم الله عليكم وإِمهاله لكم فيجسركم على المعاصي ويسوفكم في التوبة
.
الله جل جلاله يخبر عباده بأنه
استقل بعلم الساعة متى تأتي والقيامة متى تقوم وليس لأحد أن يعلم ذلك كائناً من
كان وهذه حال تتطلب من العبد أن يعجل التوبة ولا يؤخرها ، كما استقل تعالى بعلم
وقت نزول المطر في يوم أو ليلة أوساعة من ليل أو نهار ، ويعلم ما في الأرحام أرحام
الإناث من ذكر أو أونثى أو أبيض أو أحمر أو أسود ومن طول وقصر ومن غيمان أو كفر
ولا يعلم ذلك سواه ويعلم ما يكسب كل إنسان في غده من خير أو شر أو غنى أو فقر ،
ويعلم أين تموت كل نفس من بقاع الأرض وديارها ولا يعلم ذلك إلا الله ولذا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم « مفاتح الغيب خمسة » وقرأ : { إن الله عنده علم الساعة
وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض
تموت إن الله عليم خبير } « في الصحيح » .
كل مدع لمعرفة الغيب من الجن
والإِنس فهو طاغوت يجب لعنه ومعاداته .
ما ادّعى اليوم من أنه بواسطة
الآلات الحديثة قد عرف ما في رحم المرأة فهذه المعرفة ليست داخلة في قوله تعالى {
ويعلم ما في الأرحام } لأنها بمثابة من فتح البطن ونظر ما فيه فقال هو كذا وذلك لوجود
أشعة عاكسة أمّا المنفيّ عن كل حد إلا الله أن يقول المرء : إن في بطن امرأة فلان
ذكراً أو أنثى ولا يقربُ منها ولا يجرّبها في ولادتها السابقة ، ولا يحاول أن يعرف
ما في بطنها بأيّة محاولة .
Comments