مختصر
تفسير سورة السجد من أيسر التفاسير للشيخ أبى بكر الجزائرى
مكية
وآياتها ثلاثون آية
وتسمى سورة الم السجدة، وتنزيل السجدة وفي
الصحيح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى بها الصبح يوم الجمعة
يقرأ في الركعة الأولى بالفاتحة والسجدة والثانية بالفاتحة وسورة الإنسان كما ورد
أنه كان يقرأها مع سورة الملك عند النوم وفي كل منهما ثلاثون آية.
الأيات من 1 : 4
قوما ما أتاهم من نذير: أي من زمن بعيد وهم
قريش والعرب.
من ولي ولا شفيع: أي ليس لكم أيها المشركون من
دون الله وليّ يتولاكم ولا شفيع يشفع لكم.
لا ريب فيه : لما اشتمل من الإعجاز العلمي حيث
عجز الإنس والجن على أن يأتوا بمثله وعجز فصحاء العرب على الإتيان بسورة مثل سوره.
ولما عرف به صاحبه الذي نزل عليه وجاء به وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ من الصدق الكامل حيث لم يكذب قط وقد أخبر أنه تنزيل الله رب العالمين.
النذير المعلم المخوف بعواقب الشرك والمعاصي
والفساد والشر، والقوم الجماعة العظيمة الذين يجمعهم أمر يكون كالقوام لهم من نسب
أو وطن أو غرض تجمعوا من أجله والمراد بهم عامة العرب في كل ديارهم شمالا وجنوباً
وشرقاً وغرباً إذ فقدوا العلم الإلهي منذ قرون عدة.
سئل مالك رحمه الله تعالى عن الاستواء فقال:
الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
في نفي الشفيع رد على قول بعضهم أن آلهتهم تشفع
لهم عند الله على تقدير أنهم يبعثون يوم القيامة إذ قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله
أو في قضاء حوائجهم في الدنيا.
الأيات من 5 : 9
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض: أي أمر
المخلوقات طوال الحياة.
ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره: أي يوم
القيامة حيث تنتهي هذه الحياة وسائر شؤونها.
ألف سنة مما تعدون: أي من أيام الدنيا.
قليلا ما تشكرون: أي ما تشكرون الله على نعمة الإيجاد
والإمداد إلا شكراً قليلا لا يوازي قدر النعمة.
تتمة
ورد في سورة الحج قوله تعالى {وإن يوما عند ربك
كألف سنة مما تعدون} وفي هذه الآية {ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما
تعدون} وفي سورة المعارج {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف
سنة} ، وقد كثرت أقوال أهل التفسير في تحديد هذه الأيام حتى قال ابن عباس أيام
سماها الله سبحانه وما أدري ما هي؟ فأكره أن أقول فيها ما لا أعلم وأحسن ما يقال
فيها أن اليوم الذي ذكر في سورة الحج هو عبارة عن الزمان وتقديره عند الله وأن يوم
سورة المعارج هو يوم القيامة يوم الحساب وأن هذا اليوم هو آخر أيام الدنيا حيث
ينتهي التدبير والتصرف لانقضاء الحياة وهو كما ذكر تعالى.
قرأ نافع وحفص خلقه بصيغة الماضي وقرأ بعضٌ
خلقه بإسكان اللام على أنه مصدر خلق يخلق خلقاً وهو بدل اشتمال من كل شيء ومعنى
أحسن أتقن وأحكم
المهين الممتهن الذي لا يعبأ به.
الأيتين 10 : 11
أئذا ضللنا في الأرض: أي غبنا فيها حيث فنينا
وصرنا ترابا.
تتمة
الاستفهام للتعجب والاستبعاد، والضلال الدخول
في الأرض والغياب فيها إذ كل ما غاب في شيء ولم يظهر له وجود يقال ضل فيه كما يضل
الماء في اللبن والميت في القبر.
بل هم بلقاء ربهم كافرون، بل للإضراب عن كلامهم
أي ليس إنكارهم البعث لاستبعاده واستحالته لوجود الأدلة الواضحة على إمكانه بل
وجوبه وإنما الباعث لهم على التكذيب به هو كفرهم التقليدي.
لم يرد اسم ملك الموت في القرآن غير أن أهل
السنة على أسمه عزرائيل بمعنى عبد الله.
الأيات من 12 : 14
إنا نسيناكم: أي تركناكم في العذاب.
تقرير حكم السببية فالأعمال سبب للجزاء خيراً
كان أو شراً.
تتمة
بِمَا نَسِيتُمْ : النسيان يكون بمعناه الأصلي
وهو عدم ورود الشيء بالخاطر النفسي ويكون بترك الشيء وعدم الالتفات إليه مع ذكره
في النفس والآخر أولى بالآية.
الأيات من 15 : 17
تتجافى جنوبهم: أي تتباعد عن الفرش من أجل
قيامهم للصلاة في جوف الليل.
خوفاً وطعما: أي يسألونه النجاة من النار،
ودخول الجنة.
تتمة
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
الجملة حال من الموصول والتجافي التباعد والمتاركة،
والمضاجع جمع مضجع الفراش والجنب جمع جَنب، والمراد تباعدهم عن فرشهم لقيام الليل،
ومن صلى العشاء في جماعة والصبح في جماعة تناوله الوصف، وشاهد التجافي قول عبد بن
رواحة رضي الله عنه بمدح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول:
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من
الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت
بالمشركين المضاجع
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ
مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
قرأ الجمهور ما أخفي بصيغة الماضي المجهول،
وقرأ غيرهم أخفي بالمضارع المعلوم.
روى الترمذي بسند صحيح عن معاذ بن جبل قال: قلت
يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال لقد سألت عن عظيم
وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي
الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة والصدقة
تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا {تتجافى
جنوبهم عن المضاجع} الآية.
في الصحيح قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر".
الأيات من 18 : 22
جنات المأوى نزلاً: النزل ما يعد للضيف من قرى.
من العذاب الأدنى: أي عذاب الدنيا من مصاب
القحط والجدب والقتل والأسر.
العذاب الأكبر: هو عذاب الآخرة في نار جهنم.
{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}
يخبر تعالى أنه لا محالة منتقم من أهل الإجرام وهم أهل الشرك والمعاصي، وورد عن
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ثلاثة أصناف من أهل الإجرام الخاص وهم:
1) من اعتقد "عقد" لواء في غير حق أي
حمل راية الحرب على المسلمين وهو مبطل غير محق.
2) من عق والديه أي آذاهما بالضرب ونحوه
ومنعهما برهما ولم يطعهما في معروف.
3) من مشى مع ظالم ينصره رواه ابن جرير عن معاذ
بن جبل رضي الله عنه.
بيان أن الله تعالى كان يأخذ قريشاً بألوان من
المصائب لعلهم يتوبون. من ذلك سنوات الجدب التي أكلوا فيها العهن وأصبح أحدهم يرى
السماء وكأنها دخان من شدة الجوع.
إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ :
الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً فهو جواب لمن تساءل عن جزاء صاحب الإعراض بعد
التذكير بالآيات وهو قوله تعالى إنا من المجرمين منتقمون.
الأيات من 23 : 26
يمشون في مساكنهم: أي يمرون ماشين بديارهم وهي
في طريقهم إلى الشام كمدائن صالح وبحيرة لوط ونحوهما.
تتمة
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ هذا
الإخبار استطراد المراد به تسلية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ
المرية: الشك والتردد والمقصود من النهي التثبيت كقوله {فلا تك في مرية مما يعبد
هؤلاء} وليس النهي لطلب ترك الشك إذ لم يكن شك قط.
الأيات من 27 : 30
إلى الأرض الجرز: أي اليابسة التي لا نبات
فيها.
أفلا يبصرون: أي أعموا فلا يبصرون أن القادر
على إحياء الأرض بعد موتها قادر على البعث.
وانتظر إنهم منتظرون: أي وانتظر يا رسولنا ما
سيحل بهم من عذاب إن لم يتوبوا فإنهم منتظرون بك موتاً أو قتلاً ليستريحوا منك.
استعجال الكافرين العذاب دال على جهلهم وطيشهم.
تتمة
الجرز وصف للأرض التي انقطع نبتها، وهو مشتق من
الجرز وهو انقطاع النبت والحشيش إما بسبب يبس الأرض أو بالرعي، والجرز القطع ولذا
سمي السيف القاطع جُرازاً قال الشاعر يصف أسنان ناقته:
تنحّى على الشوك جُرازاً مقضبا
والهرم تدريه إذراءً عجباً
الفتح: النصر والقضاء كانوا إذا قال لهم
المؤمنون سيحكم الله بيننا وبينكم يوم القيامة فيثيب المؤمن ويعاقب الكافر يقولون
لهم مستهزئين ساخرين متى هذا الفتح أو الحكم.
Comments