U3F1ZWV6ZTE3NDMwODE4MzA4MTc5X0ZyZWUxMDk5Njg2NzQ0NjUyNQ==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل
إعلان

ظاهرة عنف الأباء نحو الأبناء : لماذا تحدث وكيف نعالجها؟

 

ظاهرة عنف الأباء نحو الأبناء : لماذا تحدث وكيف نعالجها؟

عنف الأباء نحو الأبناء



نشاهد من حين لأخر في الأخبار ووسائل التواصل الأجتماعى ما يقشعر منه بدن الإنسان، وما تشمئز منه النفوس وتضطرب له الأفئدة، وتجعل الإنسان يحزن لما أصاب البشرية في هذا العصر من فوضى في الأخلاق وتحول الأباء إلى قتلة لأبنائهم، أو نراهم يقسون عليهم بما لا يتفق مع تقاليد الأديان السماوية..

ولكى نكون منصفين في التصنيف، فإن هذا الأمر ليس ظاهرة، ولكنها حالات نادرة لإناس غير أسوياء نفسيًأ وعقليًا، فالأب الذى يضرب ابنته بوحشية وقسوة ضربًا مبرحًا دون رحمة، لدرجة التسبب في موتها بغير سبب معقول، يعد من الشخصيات السيكوباتية التي نسميها نوعًأ ناشزًأ، بمعنى : الخارج عن السلوك السوى، والذى عادة ما يظهر ضعفًا ظاهرًأ مع شعور بعدم الأمان داخل نفسه، وسلوكه – عادة – يتعدى الحدود المعروفة للخبرات الإنفعالية أو الخلقية، أي أنه يسلك دائمًأ سلوكًأ نرى فيه عدم تناسق الإنفعال مع الحدث.

وترجع جذور هذا الخلل غالبًأ إلى مراحل الطفولة المبكرة أو المراهقة فقد يكون هذا الأب لم ينل فرصة في الطفولة للإنطلاق الإجتماعى والتعامل مع الحياة والأخرين بحب ومودة، أو .. يكون قد تعرض في طفولته لعدوان شديد، أو ظلم أو تحقير لذاته، ولم ينل معه حقه في الحاجات النفسية الضرورية لكل إنسان فاختزن الإحساس بالظلم داخله، ثم عبر عن نفسه فيما بعد بالعدوانية وعدم الرحمة مع أبنائه.

وبغض النظر عن الشخصيات السيكوباتية أو الأفراد غير الأسوياء، فإن الأبحاث النفسية قد أثبتت أن 70 % من الأباء العاديين الذين وقع عليهم عقاب قاس في طفولتهم، وعوملوا بإحتقار لذاتهم يعاملون أبناءهم بنفس القسوة. . ويتعاملون معهم بلا رحمة وكأنهم يقومون بعملية إنتقام لأنفسهم بطريقة لا شعورية.

أهم المقترحات لعلاج ظاهرة عنف الأباء نحو الأنباء

من أهم المقترحات التي يجب أن نقدمها لعلاج هذا الأمر هو أن نحذور حذو الدول المتقدمة ونقوم بفتح مكاتب إجتماعية يطلق عليها مكاتب الأبناء التي تحرص على أن ينال الأبناء رعاية كاملة من أبنائهم .. فإذا قصر الأب في تربية أبنائه يُحاكم ويُعاقب، وتقوم هذه المكاتب برعاية الأبناء إذا ذهب الوالدان إلى العمل أو إلى سهرة خارج المنزل حيث ترسل هذه المكاتب أحد مندوبيها لقضاء الوقت مع الأبناء ورعايتهم من مأكل ومشرب وبرامج تسلية.

وأصبحت لهذه المكاتب صفة الوجوب في كل المجتمعات الشرقية ذات الأديان السماوية أسبق من هذه المجتمعات الأوروبية.

إننا في مجتمعاتنا العربية وخاصة في مصر إنتقلنا من الريف إلى الحضر ولم يعد لدى الأباء وقت كاف لتعليم أبنائهم القيم الاجتماعية، فارتكبت الجريمة التي تعلمها الطفل من أجهزة الإعلام المرئية .. كما أن سوء الحالة الاقتصادية كان له الأثر السئ على التنشئة الاجتماعية فلم تعد الأسرة الفقيرة تتحمل مصاريف أبنائها فتركتهم دون تعليم، وتلقفتهم محلات المهن المختلفة وتغاضى الأباء عن قسوة أصحاب محلات المهن نحو أبنائهم، حتى إذا وجد الأب أن أبنه قد سمى باسم غير اسمه – مثل بلية – كرنبة – الشجيع – فاقد أهله – المقطوع – الجربوع .. فإنه لا يبالى .. وكل هذه الأسماء تدل على أن الأسرة تخلت عن أسم أبنائهان بل ما هو أقسى من ذلك، أنه عندما يتعرض الطفل لمرض خطير في السمع أو البصر أو عاهة مستديمة، يتركه أبواه يجول في دور العلاج الحكومية، التي هي بدورها تحتاج للعلاج.

ونشاهد من قسوة الأباء على الأبناء أن الأبن يُترك ويُهمل إذا تزوج أحد الأبوين بأخر، ويكون مصير الطفل أن يعيش في مجتمع غريب عنه، فتتلقفه جماعات النشل والسرقة لتدربه بطريقتها على الخروج عن آداب المجتمع وقواعده أو تتلقفه للخدمة بالخارج، تحت عقود وهمية مزورة.

ويتمثل العلاج في أنه لابد من إيجاد مكاتب تابعة لوزارة الشئون الاجتماعية وأجهزة الحكم المحلى لتتولى عقاب الأباء وإرسال إنذارات متكررة لهم إذا أهملوا في تربية أبنائهم، أو إذا تركوهم لعوامل الشر والإبادة، بل يجب محاكمة هؤلاء الأباء فور إرتكابهم التقصير في حق أبنائهم !!

كذلك فإن على الجمعيات الاجتماعية المنتشرة في طول البلاد وعرضها الاهتمام بالنشء بإيجاد أعمال تناسب أعمارهم حتى تكون قوة نافعة للوطن، وليست قوة مدمرة في وقت طغت فيه العادات على القيم الاجتماعية.

الضغط النفسى وعنف الأباء

إن عقاب الطفل من الأب أو الأم دائمًا ما يرجع إلى الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأباء والأمهات في العمل أو في مشاكل الحياة اليومية وعلى الرغم من الإيمان من الأبوين بأنهما يخطئان في العقاب إلا ان هذا يُعتبر إنعكاسًأ لحالتهم النفسية السيئة، فإن الخلافات الزوجية تلعب دورًأ رئيسيًأ في نوعية العقاب الملقى على الأبناء، فهناك لم تستطع أن تكسب أحد أبنائها ضد الأب، فتتفرق الأسرة، ويصبح الأبناء في حيرة بين الأم والأب ويحرك هذا الدافع الشخصى لكل منهما، مما يؤدى إلى توليد كراهية بين الأبناء بذاتهم، ونتيجة لهذا التحدى تتفاقم ظاهرة العقاب حتى بدون إرتكاب أية أخطاء، ولا يصبح هناك توازن بين العقاب والخطأ.

بالإضافة إلى أن مستوى طموح الأسرة قد يكون فوق طافة الأبناء، فيكثر العقاب عليهم، أو قد يكون وجود الطفل عقبة في سبيل إرضاء رغبات الوالدين مثل أم مطلقة، ولديها طفل، وهذا الطفل قد يقلل من فرص الزواج مرة أخرى لهذه الأم مما  يجعل الطفل معرضًأ للعقاب الدائم، وهذا في الغالب يشكل البداية لإنحراف الطفل.

إن أساس التربية، ومدى الخبرات المتوافرة لدى الأباء تعلب دورًأ مهمًأ في التخفيف من حدة عقاب الأبناء،بالإضافة إلى أن هناك جانبًا أخر يجب ألا نغفل عنه وهو أن إعطاء الحرية المطلقة للأبناء، ثم التماى فيها قد يؤدى إلى بداية الإنحراف، يقابله عقاب لم يتعود الأبناء عليه، ويكون هذا العقاب من نوع خاص يستم في  غالبية الأمور بالقسوة .

وإذا كانت الشدة مطلوبة في حالات محدودة فإن العقاب يجب أن يتناسب مع الجرم الذى ارتكبه الطفل، وعلى الأبناء في مثل هذه الحالات مراعاة أن عقاب الأبناء لابد أن يكون بجرعات، ويفضل ألا يكون العقاب بدنيًا، لأنه يولد الكراهية التي قد تصل إلى حد إرتكاب الجريمة.

بر الأباء والأبناء

إن نراه من عجائب هذا الزمن: قتل الزوجة لزوجها، أو قتل الأبن لأبيه أو العكس، أو قسوة الأباء على الأبناء، وهذه الشواهد كلها علاجها يكمن في قوة الإيمان بالله، فتعاليم الإسلام قد أوجبت بر الوالدين، وحذرت من العقوق .. فقال الله تعالى :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا"

وقال صلى الله عليه وسلم : " بروا أبائم تبركم أبناءكم"

فالدين الإسلامي قد أمر بطاعة الوالدين وبرهما ورعايتهما، ولا يستطيع أي إنسان أن يقدرهما حق قدرهما، ولا يحد من فضلهما.

وقال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث دعوات مستجابات لا أشك فيهن دعوة المظلوم، ودعوة المسافر ودعوة الوالدين على ولدهما"

وإذا كان الإسلام قد أمر ببر الوالدين، وحس على حسن رعايتهما فإنه قد حرم عليهما قتل أولادهما خشية الفقر أو لأى سبب أخر.

قال جل شأنه :

" ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئًا كبيرًا"

وقال سبحانه :

" وما من دابة في الإرض إلا على الله رزقها"

ولهذا رأينا الإسلام ينهى عن وأد البنات الذى كان سائدًا في الجاهلية ..

إن الأب معروف بحبه وحنانه لأولاده، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حينما دخل الأقرع بن حابس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده يقبل الحسن والحسي، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :

يا رسول الله أتقبلون الصبيان، فقال الرسول العظيم : نعم .. فقال الرجل: يا رسول الله إن لى عشرة من الولد ما قبلت منهم أحد أبدًا!!

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وماذا أملك لك إذا كان الله قد نزع الرحمة من قلبك؟ من لا يرحم لا يُرحم.

وإذا كان الرفق مطلوبًا من عامة الناس فمن باب أولى أن يكون مع الأبناء .. فلذات الأكباد أما من يتهرب من تحمل المسئولية فإن الله سيحاسبه حسابًا عسيرًا.

قال صلى الله عليه وسلم :

"إن الله سائلٌ كل راع عما أسترعاه، حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته.

فما أحوج الأباء في هذا الزمن إلى مراقبة الله في أبنائهم وحسن رعايتهم وتهذيبهم وتحمل المشاق والمتاعب من أجلهم، فالإنسان كما يدين يُدان، ومن يزرع المعروف يحصد الشكر، ومن يزرع الشر يحصد الندامة ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان !!

 

Comments
NameEmailMessage