تفسير وبيان ومعنى قوله تعالى "من شر الوسواس الخناس" فى سورة الناس
سورة الناس من السور المكية التي بدأت بفعل أمر وهى نزلت بعد سورة الفلق وهى أحد المعوذتين وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين المعوذتين الناس والفلق إذا آوى إلى فراشه وينفث يديه ويمسح بهما ما أقبل وأدبر من بدنه، ويأمر بقراءتهما دبر كل صلاة، كما حث النبي على قراءتهما ثلاثًا في الصباح والمساء مع سورة الإخلاص وأن قراءتهم تكفي المرء من كل شيء.
فعن عبد الله بن خبيب قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا، فأدركناه فقال: قل، فلم أقل شيئا، ثم قال: قل، فلم أقل شيئا، ثم قال: قل، فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: قل "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ "، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وجاء في سورة الناس كلمة" الخناس" في قوله تعالى "من شر الوسواس الخناس"
فما هو الوسواس الخناس
من الواضح في الأية أن المقصود من الوسواس الخناس هو الشيطان. فوصف الله ذلك الشيطان بأنه "وسواس خناس"
فالوسواس هو كثير الوسوسة، والوسوسة هي الصوت الخفيف المنخفض الذى لا يكاد يُسمع وهو من صفات الشيطان وأفعاله الملازمة له.
فالْوَسْواسِ: الذي يوسوس للناس فيلقى في صدورهم أحاديث السوء.
والخناس مأخوذة من الفعل خنس أي أختفى، فلماذا وصف الله تعالى الشيطان خنّاسا؟ لأنه إذا ذُكر الله تعالى خنس أى أختفى وهرب، وسماه الله تعالى "خنّاس" صيغة مبالغة على وزن "فعّال" وليس خانس أسم فاعل على وزن فاعل، ذلك لأنه كثير الخنوس، أي أنه كلما ذُكر الله تعالى خنس أي أختفى وهرب. ولفظة الخنس ذكرت أيضًا في سورة التكوير في قوله تعالى "فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس" فالخنس هي النجوم التي تظهر وتختفى، فالشيطان إذن إذا ذُكر الله خنس أي أختفى أو إذا غفل الإنسان عن ذكر الله جاء وظهر وبدا بالوسوسة التي لا يمل منها.
فمعنى من شر الوسواس الخناس، أي الشيطان الموسوس الذى يختفى إذا ذكر العبد ربه سبحانه وتعالى
أعاذنا الله وإياكم من شرالوسواس الخناس من الجنة والناس
Comments