يقول الله تعالى فى سورة ص مخبرًا عن المشركين وحماقاتهم إذا يستعجلون وقوع العذاب
وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)
القط معناه النصيب، فهم يقولون "ربنا عجل لنا نصيبنا"
والقط فى اللغة هو الصك أو الكتاب المكتوب
والقط يقال للكتاب نفسه وللمكتوب فيه، فكأنهم يقولون "عجل لنا بنصيبنا الذى قد كتبته لنا فى صك أو فى ورقة أو فى وثيقة" وهو من باب الإستعجال لما كتبه الله، وهم إذ يقولون هذا فهم يشككون ويكذبون ما كتبه الله وما قدره، فيقولون أنك تعدنا أنك فى الأخر الأخرة ستفعل بنا كذا وكذا، أعطنا نصيبنا فى الدنيا، وهذا القول منهم إنما على سبيل الإستهزاء والسخرية والعياذ بالله.
وفى هذه الأية بيان لما جُبل عليه هؤلاء المشركين من جهالات وسفاهات حيث تعجلوا العقاب قبل وقوعه بهم
وتصدير دعائهم بنداء الله- تعالى- بصفة الربوبية، يشعر بشدة استهزائهم بهذا العذاب الذي توعدهم الله- تعالى- به على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلم.
وقد منع الله تعذيبهم لأمرين ذكرهم رب العزة فى سورة الأنفال فى قوله تعالى "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون"
ونسب- سبحانه- القول إليهم جميعا مع أن القائل هو النضر بن الحارث، أو أبو جهل.. لأنهم قد رضوا بهذا القول، ولم يعترضوا على قائله.
وقيل المراد بقوله- تعالى-: عَجِّلْ لَنا قِطَّنا.. أى: صحائف أعمالنا لننظر فيها قبل يوم الحساب.
وقيل المراد به: نصيبهم من الجنة أى: عجل لنا نصيبنا من الجنة التي وعد رسولك بها أتباعه، وأعطنا هذا النصيب في الدنيا قبل يوم الحساب لأننا لا نؤمن بوقوعه.
وعلى جميع الأقوال، فالمراد بيان أنهم قوم قد بلغ بهم التطاول والغرور منتهاه، حيث استهزءوا بيوم الحساب، وطلبوا تعجيل نزول العذاب بهم في الدنيا، بعد أن سمعوا من الرسول صلّى الله عليه وسلم أن عقوبتهم مؤجلة إلى الآخرة.
وفى هذه الأية
بيان استهزاء المشركين واستخفافهم بأخبار الله تعالى وشرائعه.
تعليقات