U3F1ZWV6ZTE3NDMwODE4MzA4MTc5X0ZyZWUxMDk5Njg2NzQ0NjUyNQ==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل
إعلان

معنى قوله تعالى "أمرأتان تذودان" | قصة نبى الله موسى مع أبنتى شعيب عندما سقى لهما وتولى إلى الظل

 

معنى قوله تعالى "أمرأتان تذودان" وملخص قصة موسى مع أبنتى شعيب


يقول رب العزة جل وعلا فى قصة موسى مع ابنتى شعيب فى سورة القصص

وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24)

كلمة تذودان من غريب القرآن أو من الكلمات التى لم تتكر فى القرآن الكريم إلا فى ذلك الموضع، فما معنى تلك الكلمة.

لما هرب موسى من فرعون إلى مدين وهى قبيلة شعيب أو قريته التى كان يسكن فيها ورد ماء مدين أو وصل عنده فوجد مجموعة كبيرة الرعاة يسقون أغناهم ووجد إزدحام شديد على الماء ووجد من دون هؤلاء الرعاة أى قبلهما أو بعيدا عنهما قليلا أمرأتان تزودان، ومعنى تزودان أى تمنعان الأغنام الخاصة بهما فى الدخول فى ذلك الزحام والإختلاط بالأغنام الأخرى، فجاء إلى هاتين المرأتان وقال ما خطبكما أى لماذا تزودان الغنم وتمنعانها أن تشرب، فقالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخٌ كبير، أى فى ذلك الزحام الشديد لا نستطيع أن نخالط الرجال لنسقى أغنامنا وأبونا شيخٌ كبير لا يستطيع أن يرعى، فلذلك ننتظر حتى يسقى الرعاة أغنامهم ونمنع أغنامنا من الأختلاط مع الأغنام الأخرى حتى يسقوا أغنامهم، ثم نسقى بعد ذلك أغنامنا، بعد أن يشرب الناس ويسقوا أغنامهم وينصرفون. 

والماء فى تلك الحالة يقل وربما ينضب إذا سقى الناس جميعًا، فلم يتبقى ما يكفي أغنامهم بعد أن يسقى الناس أغنامهم ويشربون، لذلك دفعت شهامة نبى الله موسى عليه الصلاة والسلام وحسن خلقه أن يرفع هو بنفسه الماء من البئر وسقاية أغنام تلك المرأتان ثم تولى بعد ذلك إلى الظل راجيًا خير الله والذى قد أفتقر إليه بشدة عندما وصل مدين. 

تزودان إذن معناها تمنعان وتدفعان بقوة أى تدفعان الغنم وتمنعانها عن الدخول فى الزحام والشرب من الماء لأنهما لا طاقة لهما بمزاحمة الرجال، وزاد فى اللغة معناها منع ودافع وأكثر ما تستخدم فى الدفاع عن العرض والوطن والحمى ولذلك يُقال "يزود الجندى عن وطنه" أى يدافع ويمنع عنه العدو. 

ويقول زهير بن أبى سلمى فى معلقته : 

“ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه

يهدم .. ومن لا يظلم الناس يُظلم !

ومن يغترب , يحسب عدوًا صديقه

ومن لم يكرم نفسه لا يُكرم !

أى من لم يدافع عن حوضه وحماه وما يملك بسلاحه يُهدم هذا الحوض وتُنتهك خصوصيته. 

فكلمة ذاد فى الغالب تستخدم فى الشجاعة والبسالة فى الدفاع عن ما يملكه الإنسان، وفى ذلك إشارة إلى بسالة وشجاعة المرأتين وقوتهما فى الدفاع عن أغنامها وما يملكون بقوة خاصة أنهم يخالطون الرجال، لأنه لا راعى لهم وأبوهم شيخٌ كبير. 

فكلمة تذودان إذن فيها إشارة إلى قوة أبنتى شعيب فى الدفاع عن مالهما وعرضهما. 

رحم الله صاحب الكشاف. فقد أجاد عند عرضه لهذه المعاني. فقال ما ملخصه: «قوله:

فَسَقى لَهُما أى: فسقى غنمهما لأجلهما. وروى أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله إلا سبعة رجال.. فأقله وحده.

وإنما فعل ذلك رغبة في المعروف وإغاثة للملهوف والمعنى: أنه وصل إلى ذلك الماء، وقد ازدحمت عليه أمة من الناس، متكافئة العدد، ورأى الضعيفتين من ورائهم، مع غنمهما مترقبتين لفراغهم. فما أخطأت همته في دين الله تلك الفرصة، مع ما كان به من النصب والجوع، ولكنه رحمهما فأغاثهما، بقوة قلبه، وبقوة ساعده.




وفى التفسير الوسيط للشيخ محمد سيد طنطاوى 


ومَدْيَنَ اسم لقبيلة شعيب- عليه السلام- أو لقريته التي كان يسكن فيها، سميت بذلك نسبة إلى مدين بن إبراهيم- عليه السلام-.

وإنما توجه إليها موسى- عليه السلام-، لأنها لم تكن داخلة تحت سلطان فرعون وملئه.

أى: وبعد أن خرج موسى من مصر خائفا يترقب، صرف وجهه إلى جهة قرية مدين التي على أطراف الشام جنوبا، والحجاز شمالا.

صرف وجهه إليها مستسلما لأمر ربه، متوسلا إليه بقوله: عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ.

وحين وصل موسى- عليه السلام- إلى الماء الذي تستقي منه قبيلة مدين وجد أمة أى جماعة كثيرة مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ أى: يسقون إبلهم وغنمهم، ودوابهم المختلفة.

وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ أى: ووجد بالقرب منهم. أو في جهة غير جهتهم.

امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ أى: امرأتين تطردان وتمنعان أغنامهما أو مواشيهما عن الماء، حتى ينتهى الناس من السقي، ثم بعد ذلك هما تسقيان دوابهما، لأنهما لا قدرة لهما على مزاحمة الرجال.

وهنا قال لهما موسى- صاحب الهمة العالية، والمروءة السامية، والنفس الوثابة نحو نصرة المحتاج- قال لهما بما يشبه التعجب: ما خَطْبُكُما؟ أى: ما شأنكما؟ وما الدافع لكما إلى منع غنمكما من الشرب من هذا الماء، مع أن الناس يسقون منه؟

وهنا قالتا له على سبيل الاعتذار وبيان سبب منعهما لمواشيهما عن الشرب: لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ، وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ.

ويصدر: من أصدر- والصدر عن الشيء: الرجوع عنه، وهو ضد الورود. يقال: صدر فلان عن الشيء. إذا رجع عنه.

قال الشوكانى: قرأ الجمهور «يصدر» بضم الياء وكسر الدال- مضارع أصدر المتعدى بالهمزة، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو «يصدر» بفتح الياء وضم الدال- من صدر يصدر اللازم، فالمفعول على القراءة الأولى محذوف. أى: يرجعون مواشيهم.. والرِّعاءُ جمع الراعي، مأخوذ من الرعي بمعنى الحفظ.

أى: قالتا لموسى- عليه السلام-: إن من عادتنا أن لا نسقى. مواشينا حتى يصرف الرعاء دوابهم عن الماء، ويصبح الماء خاليا لنا، لأننا لا قدرة لنا على المزاحمة، وليس عندنا رجل يقوم بهذه المهمة، وأبونا شيخ كبير في السن لا يقدر- أيضا- على القيام بمهمة الرعي والمزاحمة على السقي.

وبعد أن سمع موسى منهما هذه الإجابة، سارع إلى معاونتهما- شأن أصحاب النفوس الكبيرة، والفطرة السليمة، وقد عبر القرآن عن هذه المسارعة بقوله: فَسَقى لَهُما.

أى: فسقى لهما مواشيهما سريعا. من أجل أن يريحهما ويكفيهما عناء الانتظار وفي هذا التعبير إشارة إلى قوته، حيث إنه استطاع وهو فرد غريب بين أمة من الناس يسقون- أن يزاحم تلك الكثرة من الناس، وأن يسقى للمرأتين الضعيفتين غنمهما. دون أن يصرفه شيء عن ذلك.


Comments
NameEmailMessage