معنى قوله تعالى "وجوه يومئذ باسرة"
يقول الله تعالى في سورة القيامة واصفًا حال أهل النار قبل أن يتوجهوا إليها
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)
ومعنى كلمة باسرة اى إشارة إلى موقفها يوم القيامة قبل أن يُتوجه بها إلى النار، فيصف رب العزة وجوه الكفار بأنها باسرة أي كالحة كاشرة سوداء مظلمة، فهذا حالها قبل أن يتوجه بها إلى النار والعياذ بالله، فكيف إذا دخلوها أعاذنا الله وإياكم من النار وجعلنا وإياكم من الوجوه الناضرة التي إلى ربها ناظرة.
والبُسر هو الرطب قبل أوانه، فالرُطب قبل أن ينضج يسمى بُسر، وإبتسار الشئ أي أخذه قبل أوانه.
ومنه قوله تعالى في سورة المدثر
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22)
فبسر أي كشر وأكفهر وجه
وكذلك حال وجوه الكفار، حيث ستسود وجوهم وتكفهر إذا علموا أن مصيرهم إلى النار
فالبُسر هنا فيه معنى التغير قبل الوقت، فوجوه الكفار قد تغيرت وتبدل حالها قبل أن تدخل النار،
يقول الشيخ محمد سيد طنطاوى في التفسير الوسيط
وقوله: باسِرَةٌ من البسور وهو شدة الكلوح والعبوس، ومنه قوله- تعالى-:
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ يقال: بسر فلان يبسر بسورا، إذا قبض ما بين عينيه كراهية للشيء الذي يراه.
وجاء في تفسير بن عطية
والبسور أشد العبوس، وإنما ذكر تعالى الوجوه لأنه فيها يظهر ما في النفس من سرور أو غم، والمراد أصحاب الوجوه
و في مفاتح الغيب
الْبَاسِرُ: الشَّدِيدُ الْعَبُوسِ وَالْبَاسِلُ أَشَدُّ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ غَلَبَ فِي الشُّجَاعِ إِذَا اشْتَدَّ كُلُوحُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا عَابِسَةٌ كَالِحَةٌ قَدْ أَظْلَمَتْ أَلْوَانُهَا وَعَدِمَتْ آثَارُ السُّرُورِ وَالنِّعْمَةِ مِنْهَا، لِمَا أَدْرَكَهَا مِنَ الشَّقَاءِ وَالْيَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلِمَا سَوَّدَهَا اللَّهُ حِينَ مَيَّزَ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ والنار