أولًا : تفسير قول الله تعالى "فى جيدها حبلٌ من مسد"
معنى قوله تعالى "في جيدها حبلٌ من مسد"
سورة المسد من السور المكية التي ذم فيها الله سبحانه وتعالى أبى لهب وزوجته التي وصفها بأنها حمالة الحطب. وأبو لهب هو عم النبى صلى الله عليه وسلم وهو عبد العزى بن عبد المطلب وقد سُمى بأبى لهب لأنه كان شديد تورّد وجهه، فقد كان مُشرق البشرة كأنّ في وجهه لهب مشتعل، وأما زوجته فهى أم جميل وهى أروى بنت حرب بن أمية وهى امرأة خبيثة ذات خلق سيئ، ولسان سليط، وكانت تعين زوجها على الكفرِ والجحود، وكانت تُشيع النميمة بين النّاس. وكانت زوجة أبى لهب تضع الحطب والشوك الجاف في طريق النبى صلى الله عليه سلم حتى يتأذى فتوعدها الله بحبل من مسد فى رقبتها يوم القيامة ونزلت في شأنهما سورة المسد فقال الله تعالى :
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
فما معنى "في جيدها حبلٌ من مسد"
الجيد هو العنق أو الرقبة
وقد روى أن تلك المرأة كانت تضع الشوك في طريق رسول الله بعد جمعه لهذا السبب، وقيل: إنها كانت تسعى جاهدة في إيقاع العداوة بين النبي والناس، وتحمل حطب نار الفتنة، وتوقد بينهم نار العداوة، وقد زاد سبحانه في تبشيع صورتها بقوله: في جيدها حبل من مسد، وقد كان لها قلادة حلفت لتبيعنها في الإنفاق ضد رسول الله، فأعقبها الله بدلها حبلا في جيدها: حبلا محكما ليوضع في عنقها، وهي في نار جهنم.
والمسد هو مادة صنع ذلك الحبل فهو حبلٌ من مسد، وقال المفسرون أن المسد هو الحبل الخشن المصنوع من الليف الخشن وبعض المفسرين يقولون هو من الخوص أي أوراق سعف النخيل. والمسد في اللغة هو إحكام الفتل، فهو حبلٌ من مادة محكمة الفتل إما أن تكون ليف أو تكون خوص أو غير ذلك، ولذا فالربط بها في حد ذاته والربط بهذا الحبل هو فيه إهانة وتعذيب فهى إذن سينالها العذاب المهين والعذاب الأليم.
والمسد أو إحكام الفتل بتلك المادة يكون شيء عظيم في الدنيا فما بالنا بكيف يكون في الأخرة فضلا عن كونه أو ماهيته في النار، فهو أمرٌ عظيم لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.