معنى قوله تعالى " ولو ألقى معاذيره"
بعض ألفاظ القرآن الكريم قد تكون واضحة أو المعنى الضمنى لها واضح، ولكن تحتاج إلى نظر وتأمل مثل قوله تعالى في سورة القيامة
بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)
فقوله تعالى "ولو ألقى معاذيره" تشير إلى إعتذار المذنب أو الكافر يوم لا ينفع الإعتذار، ولكن عبر القرآن عنها بطريقة بلاغية رائعة توجب التأمل
فقوله تعالى "بل الإنسان على نفسه بصيرة" أي أن الإنسان سوف يشهد على نفسه يوم القيامة وهو أدرى بها، والله تعالى يصف حاله يوم القيامة فيقول "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون"
وقوله تعالى "ولو ألقى معاذيره" أي لو أعتذر بكل عذر فلن يقبل منه.
والمفسرون يفسرون معناها أي لو أرخى ستورة، فالمعذار مفرد معاذير وهو الستارة أو الساتر الذى يرخيه الإنسان أو يلقيه بين وبين الذنب، فقالوا كأن الإنسان يُرخى المعاذير أو السُتر بينه وبين الذنوب فيخفيها، ولذلك سُمى العذر عذرا، لأن الإنسان يريد أن يُلقى بينه وبين ذنوبه غطاءًا فيعتذر،
حتى لا يراها أحد أو يلومه على فعلها، فكأن أفعال الإنسان السيئة وعوراته ستكون واضحه يوم القيامة ولو أرخى ستائره التي هي معاذيره، بأن يقول فعلت كذا لإجل كذا أو لآنى كنت كذا وكلها معاذير غير مقبولة وحتمًا عوراته واضحة وذنوبه ظاهرة من خلفها.
ومنها قول الله تعالى عن المنافقين "يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم" وقوله "وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم"
فمعنى لو ألقى معاذيره أي لو أعتذر بكل عذر فلن يُقبل منه فهذا معنى والتفسير الأخر أي لو ألقى الستر أو الستور بينه وبين ذنوبه يعتذر بها، وهو نفس المعنى، ولكن كما نرى التعبير البلاغى الرائع لكلمات القرآن العظيم.
فالمعذار في الأية هو الذى يضعه الإنسان بين وبين الذنب حتى لا يُرى ذلك الذنب، ونجد أن الإنسان دائمًا يبرر أخطائه ويعتذر بأعذار ولو كانت أعذار غير صحيحة يريد بها أن يخفى خطأه وذنبه، فالله تعالى يقول "بل الإنسان على نفسه بصيرة" أي يشهد على نفسه بنفسه يوم القيامة، ولو ألقى معاذيرة، فلن تُقبل منه تلك الأعذار الواهية التي هو أول من يعلم أنها أعذار غير صحيحة.
Comments