أولًأ : تفسير قول الله تعالى "كلا إنها لظى نزاعة للشوى"
معنى قوله تعالى "نزاعة للشوى"
سورة المعارج وهى سورة مكية بالإجماع ، والسورة تشمل تهديد المشركين بعذاب واقع، مع التعرض لوصف القيامة، ثم الكلام على الإنسان وطبعه وعلاجه، ثم ختام السورة بمثل ما بدئت به.
وقد كان المشركون حين يهددهم النبي بعذاب الله يستخفون به وبتهديده، وينكرون عليه ذلك، بل ويستعجلونه استهزاء به حتى قال زعيمهم في ذلك وهو النضر بن الحارث: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وربما كان هذا الموقف مع النبي مما يثير نفسه، ويجعله يتمنى أن لو نزل عليهم عذاب يردع أمثالهم فيؤثر هذا في انتشار الدعوة الإسلامية، فأنزل الله هذه الآيات ليطمئن النبي صلّى الله عليه وسلّم وليهددهم بعذاب واقع عليهم لا محالة، ثم يأمره بالصبر الجميل.
ويقول رب العزة واصفًا لهذا العذاب "كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)
فكلمة شوى من الكلمات التي تعد من غريب القرآن، نحن نستخدم كلمة يشوى ولكن المصدر شوى لا نستخدمه، وكلمة يشوى ذكرت في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى "في سورة الكهف : وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)
فكلمة يشوى الوجوه أي يحرقها إحراقًا شديدًا ويسقط لحمها.
وأما لفظة الشوى فقال فيها المفسرون أنها جلدة الراس، حيث أنه من شدة حرارة لظى وهى دركة من دركات النار تنسلخ، وقال بعض المفسرون أنها الأطراف أي الأرجل والأقدام والجلود والراس ذاتها، فمن شدة الحرارة تُنزع تلك الأطراف وتنسلخ وتذوب، فمعنى نزاعة للشوى أي تنزع جلد الكافر وأطرافه وتذيبه وتسلخه سلخًا. ومنه قول العرب "رماه فأشواه" أي أصابه في غير مقتل أو أصابه في الأطراف فلم يقتله
نسأل الله العفو والعافية، ونعوذ بالله من نار لظى وشدة حرها.