U3F1ZWV6ZTE3NDMwODE4MzA4MTc5X0ZyZWUxMDk5Njg2NzQ0NjUyNQ==
أبحث فى جوجل
أبحث فى جوجل
إعلان

تفسيرقوله تعالى "لإيلاف قريش" سورة قريش

 معنى قوله تعالى لإيلاف قريش تفسير سورة قريش


يقول الله تعالى فى سورة قريش 

بسم الله الرحمن الرحيم

لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) 


قال المفسرون فى تفسير قوله تعالى "لإيلاف قريش" أنها تعجيبٌ من حالة قريش، أى أعجبوا أيها الناس الذين جعل الله لهم رحلتين، رحلة إلى اليمن فى الشتاء، ورحلة إلى الشام فى الصيف، ولإيلاف قريش أى لإلفهم وإعتيادهم لهذه الرحلة والتى لا يصابوا فيها بخوف أو جوع أو قطع طريق أو غير ذلك، حيث تؤمنهم العربُ فى هذه الرحلة رحلة الشتاء والصيف، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَلِفُوا ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. فالله عزوجل يقول فى مضمون السورة والتى ذكرنا أنها للتعجيب "أعجبوا أيها الناس لحال قريش كيف أنهم فى هذه النعمة وفى هذا الخير ثم هم يكفرون بالنبى صلى الله عليه وسلم ويردون دعوته، ثم يقول الله تعالى لماذا لا يكون جزاءُ هذا النعمة العظمية التى أعطاكم الله إياها أن تؤمنوا وتعبدوا من رزقكم هذا الأمر ولا تشركون به فى قوله "فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف. وقوله تعالى لإيلاف قريش متعلق بما قبله فى سورة الفيل وذكر الله فيه قصة أصحاب الفيل الذين أهلكهم الله فجلهم كعصف مأكول وذلك لإيلاف قريش، أى ليألفوا ويعتادوا رحلة الشتاء والصيف دون أن يزعجهم أحد أو يجير عليهم أو يصدهم أو يتعرض لهم بسوء،  فكأن السورة تعجب من حال قريش وكفرهم مع أن الله تعالى قد أنعم عليهم بالأمن والغنى والتجارة والإستقرار، فكان من الواجب عليهم أن يعبدوه وحده ويؤمنوا برسالة نبيه لا يصدوه ويحاربوه كما فعلوا معه صلى الله عليه وسلم. 


جاء فى بحر العلوم للسمرقندى 

قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ قرأ ابن عامر لإلاف قريش، بغير ياء بعد الهمزة، والباقون بياء قبلها همزة، ومعناهما واحد، وهذا موصول بما قبله. يعني: أن الله تعالى، أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش، يعني: لتقر قريش بالحرم، ويجاورون البيت. فقال عز وجل:

فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لإيلاف قريش يعني: فعل ذلك، ليؤلف قريشاً بهاتين الرحلتين، اللتين بهما عيشهم ومقامهم بمكة. وقال أهل اللغة: ألفت موضع كذا، أي: لزمته وألفنيه الله.

كما يقال: لزمته موضع كذا، ألزمنيه الله. وكرر لإيلاف على معنى التأكيد، كما يقال: أعطيتك المال لصيانة وجهك، وصيانتك عن جميع الناس.


وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَلِفُوا ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ


الإيلاف: من التأليف، والجمع، فى تجانس وألفة، ومودة..

فقوله تعالى: «لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» أي لأجل أن تألف قريش رحلة الشتاء والصيف، ولكى تعتاد تنظيم حياتها على هاتين الرحلتين- كان هذا الذي صنعه الله بهذا العدوّ صاحب الفيل، الذي جاء يبغى إزعاجهم عن البلد الحرام، ونزع ما فى القلوب من مكانة لهم، وتعظيم لشأنهم، باعتبارهم سدنة البيت الحرام الذي كانت تعظمه العرب، وتعظم ساكنيه.. أي لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، كان هذا الذي فعلناه بهذا العدو المغير الذي جاء يزعج أهل هذا البلد الآمن.. فكانوا فى رحلتيهم التجاربتين، فى الشتاء والصيف، فى أمن وسلام، لا يعرض لهم أحد

وفى التفسير الوسيط لفضيلة الإمام محمد سيد طنطاوى

والإيلاف: مصدر آلفت الشيء إيلافا و «إلفا» إذا لزمته وتعودت عليه. وتقول: آلفت فلانا الشيء، إذا ألزمته إياه. والإيلاف- أيضا- اجتماع الشمل مع الالتئام، ومنه قوله- تعالى-: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً....

ولفظ «إيلاف» مضاف لمفعوله وهو قريش، والفاعل هو الله- تعالى-: و «قريش» هم ولد النضر بن كنانة- على الأرجح- وهو الجد الثالث عشر للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال القرطبي ما ملخصه: وأما قريش فهم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس، بن مضر، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي.

وسموا قريشا، لتجمعهم بعد التفرق، إذ التقرش: التجمع والالتئام ... أو سموا بذلك لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم، والتقرش: التكسب، ويقال: قرش فلان يقرش قرشا- كقتل-، إذا كسب المال وجمعه

واللام في قوله- تعالى-: لِإِيلافِ ... للتعليل. والجار والمجرور متعلق بقوله- تعالى-: لْيَعْبُدُوا ...

. وتقدير الكلام: من الواجب على أهل مكة أن يخلصوا العبادة لله- تعالى- لأنه- سبحانه- هو الذي جمعهم بعد تفرق، وألف بينهم، وهيأ لهم رحلتين فيهما ما فيهما من النفع والأمن.

وزيدت الفاء في قوله- تعالى-: لْيَعْبُدُوا ...

لما في الكلام من معنى الشرط، فكأنه- سبحانه- يقول لهم: إن لم تعبدونى من أجل نعمى التي لا تحصى، فاعبدوني من أجل أنى جعلتكم تألفون هاتين الرحلتين النافعتين في أمان واطمئنان، وأنى جمعت شملكم، وألفت بينكم ...

قال صاحب الكشاف: «لإيلاف قريش» متعلق بقوله: لْيَعْبُدُوا

أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين.

فإن قلت: فلم دخلت الفاء؟ قلت: لما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى: إما لا فليعبدوه لإيلافهم. على معنى أن نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة.

وقيل المعنى: اعجبوا لإيلاف قريش. وقيل هو متعلق بما قبله- في السورة السابقة- أى: فجعلهم كعصف مأكول. لإيلاف قريش، وهذا بمنزلة التضمين في الشعر، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله ... «1» .

وقوله- سبحانه-: رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ بيان لمظهر من مظاهر هذا الإيلاف الذي منحه- سبحانه- لهم، والرحلة هنا: اسم لارتحال القوم من مكان إلى آخر، ولفظ «رحلة» منصوب على أنه مفعول به لقوله إِيلافِهِمْ ...

والمراد بهذه الرحلة: ارتحالهم في الشتاء إلى بلاد اليمن، وفي الصيف إلى بلاد الشام، من أجل التجارة، واجتلاب الربح. واستدرار الرزق، والاستكثار من القوت واللباس وما يشبههما من مطالب الحياة.


Comments
NameEmailMessage