معنى قوله تعالى "وإن لك لأجرا غير ممنون
يقول رب العزة مثنيًا على نبيه ومواسيًا له فى أول سورة القلم
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)
فمعنى ما أنت بنعمة ربك بمجنون أى انتفى عنك الجنون في حال كونك ملتبسا بنعمة ربك أى: منعما عليك بما أنعم من حصافة الرأى، والنبوة.
وفي إضافته صلى الله عليه وسلم إلى الرب- عز وجل- مزيد إشعار بالتسلية والقرب والمحبة.
ومزيد إشعار- أيضا- بنفي ما افتراه الجاهلون من كونه صلى الله عليه وسلم مجنونا، لأن هذه الصفة لا تجتمع في عبد أنعم الله- تعالى- عليه، وقربه، واصطفاه لحمل رسالته وتبليغ دعوته.
ثم بشره- سبحانه- ببشارة ثانية فقال: وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ.
وقوله: مَمْنُونٍ مأخوذ من المن بمعنى القطع، تقول: مننت الحبل، إذا قطعته.
ويصح أن يكون من المن، بمعنى أن يعطى الإنسان غيره عطية ثم يفتخر بها عليه، ومنه قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى....
أى: وإن لك- أيها الرسول الكريم- عندنا، لأجرا عظيما لا يعلم مقداره إلا نحن، وهذا الأجر غير مقطوع بل هو متصل ودائم وغير ممنون.
وهذه الجملة الكريمة وما بعدها، معطوفة على جملة جواب القسم، لأنهما من جملة المقسم عليه..
ولرزق الله غير المقطوع شواهد أخرى من القرآن كما فى قوله تعالى فى سورة ص
"إن هذا لرزقنا ماله من نفاد"
والله تعالى أعلى وأعلم
Comments